للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْتَنَعَ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ فَلَا يُحْكَمُ حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ أَخَذَ حَقَّهُ دُونَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْمَبْلَغَ.

وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْيَمِينِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُ قَدْ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الدَّيْنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَشَهِدُوا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِصْحَابِ فَلَزِمَ احْتِيَاطًا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَهَذِهِ الْيَمِينُ لَيْسَتْ هُوَ لِلْوَارِثِ بَلْ هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ وُجُودُ دَائِنٍ لِلتَّرِكَةِ أَوْ ظُهُورُ مُوصًى لَهُ فِيهَا فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ صِيَانَةً لِحُقُوقِ هَؤُلَاءِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى عَدَمَ تَحْلِيفِهِ فَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى الْعَدِيدِينَ عَلَى أَحَدِ وَرَثَةِ مُتَوَفًّى آخَرَ دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ الشُّرَكَاءَ فِي الْإِرْثِ وَلَا يَكْفِي تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فَقَطْ، وَإِذَا كَانَ التَّرِكَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا صِغَارًا فَتَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَبَعْضُهُمْ كِبَارًا تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِلَا يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ جَمِيعُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى كِبَارًا وَادَّعَى دَائِنٌ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ حَتَّى لَوْ طَلَبَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ.

كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى أَيُّ وَارِثٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنَهُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ وَأَثْبَتَهُ تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) .

أَمَّا الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى كَفِيلِ الْمُتَوَفَّى إذَا أَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ حَيْثُ إنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَكُنْ عَلَى التَّرِكَةِ.

وَلَا تَنْحَصِرُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي طَلَبِ دَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أُثْبِتَ حَقٌّ عَلَى التَّرِكَةِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ وَإِحَالَةُ الْعَيْنِ وَارْتِهَانُهَا مُقَابِلَةُ أَمَانَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَضْمُونَةً فَمِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْيَمِينِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى رَهْنٌ مُقَابِلُ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ بِالذَّاتِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْمُبْرَأِ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ عَيْنًا كَمَا أَنَّ اسْتِيفَاءَهَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَخْذِهَا عَيْنًا وَبِظُهُورِ الْعَيْنِ فِي التَّرِكَةِ فِي الْحَالِ يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ عَدَمُ أَخْذِهَا فَلَا تَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ التَّحْلِيفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ عَيْنًا أَمَانَةً فَلَا يَكُونُ فِي مُقَابِلِهَا رَهْنٌ فَكَيْفَ يَجْرِي يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي ذَلِكَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>