للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ مَا دَامَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ بَاقِيَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا وَهِيَ:

أَوَّلًا - لَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَتِمُّ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَاشْتِرَاطُ الْبَائِعِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ يُقَيِّدُ عَدَمَ رِضَائِهِ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ فَيَمْتَنِعُ بِذَلِكَ نَفَاذُ الْبَيْعِ فِي حَقِّهِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ فَتَصَرُّفُهُ يَكُونُ نَافِذًا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) .

ثَانِيًا - إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِأَنْ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَمْ بِدُونِ إذْنِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ الْبَيْعُ مُنْفَسِخًا وَالْإِجَازَةُ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى بَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِثْلُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ عَدَمَ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مَوْقُوفًا عُدَّ لِتَعَذُّرِ نَفَاذِهِ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ مَقْبُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ. ثَالِثًا: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ وَيَسْتَوْفِيَهُ.

رَابِعًا: إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَقَطْ يَخْرُجُ الثَّمَنُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) (أَبُو السُّعُودِ) الطَّحْطَاوِيُّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ.

(الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَهُنَا أَلَّا يَصِحَّ أَنْ نَقُولَ رَدًّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُصْبِحَ الْمِلْكُ بِدُونِ مَالِكٍ) ، وَنَقُولَ رَدًّا عَلَى الرَّأْيِ الثَّانِي (أَلَّا يُصْبِحَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ لَهُ مِلْكًا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَدُخُولِ الثَّمَنِ فِي مِلْكِهِ) (الشَّارِحُ) . إيضَاحٌ لِلْقُيُودِ: (إذَا تَلِفَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْقَبْضِ) فَلِتَلَفِ الْمَبِيعِ ثَمَانِي صُوَرٍ: (١) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَفْسِهِ فَإِذَا تَلِفَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَجْرِي الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٢٩٣) كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ حُكْمٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَالَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي أَوْدَعَهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَيْنِ مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَتَلِفَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُشْتَرِي وَيُلْزِمَهُ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٩٣) (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ) (٢) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ (٣) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ إيَّاهُ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إيَّاهُ وَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَكَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ الْمَبِيعَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٢٦٣) فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَبِيعَ.

(٤) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ إيَّاهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ

(٥) : تَلَفُ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ مَرَّ الْحُكْمُ فِيهِ.

(٦) : تَلَفُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُتْلَفُ مَشْرُوطًا فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْمَبِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>