أَوْ عَقَارًا، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاشْتِرَاكِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاسْتِقْلَالِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِالِاشْتِرَاكِ هُوَ مُدَّعٍ الْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَيُثْبِتُ مِلْكِيَّتَهُ فِيهِ أَمَّا مُدَّعِي الْمِلْكِ بِالِاسْتِقْلَالِ فَهُوَ يَدَّعِي ذَلِكَ النِّصْفَ مَعَ النِّصْفِ الْآخَرِ وَتَجْتَمِعُ فِي دَعْوَاهُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ، وَإِنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُرَجَّحَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (١٧٥٧) الْآتِيَةِ الذِّكْرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ قَدْ أَخَذَ الْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ خَصْمِهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَالْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ بِدُونِ حُكْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَا نِزَاعَ وَلَا دَعْوَى فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِدُونِ دَعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨٢٩) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فَرْعٌ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ فَعَلَيْهِ إذَا أَرَادَ كِلَاهُمَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الَّذِي ادَّعَى الِاسْتِقْلَالَ عَلَى بَيِّنَةِ الَّذِي ادَّعَى الِاشْتِرَاكَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ فَرَسٌ فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ، وَأَثْبَتَا دَعْوَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَدِيقَةٌ تَحْتَ يَدِ اثْنَيْنِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى أَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيقَةِ هِيَ مِلْكٌ لِلْمُتَوَفَّى، وَأَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُمْ عَنْهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ نِصْفَهَا لِلْمُتَوَفَّى وَالنِّصْفَ الْآخَرِ لَهُ، وَأَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَهْل قَرْيَتَيْنِ ذَوَيْ يَدٍ عَلَى مَرْعَى وَادَّعَى أَهْلُ إحْدَى تِلْكَ الْقَرْيَتَيْنِ بِأَنَّ الْمَرْعَى الْمَذْكُورَ مَرْعَاهُمَا بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ مَرْعَاهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْقَرْيَةِ الْأُولَى فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاسْتِقْلَالِ. إذَا أَرَادَ كِلَاهُمَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ - أَمَّا إذَا عَجَزَا عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى قَوْلٍ يَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِمُدَّعِي النِّصْفِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا حَلَفَ مُدَّعِي النِّصْفِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَحْلِفُ الِاثْنَانِ بِالطَّلَبِ فَإِذَا نَكَلَ مُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَحَلَفَ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ الْيَمِينَ يُحْكَمُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْمَالِ لِمُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ وَبِالْعَكْسِ إذَا نَكَلَ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَحَلَفَ مُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ الْيَمِينَ يُحْكَمُ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ بِمِقْدَارِ دَعْوَاهُ وَيُتْرَكُ الْبَاقِي فِي يَدِ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَالٌ فِي يَدِ أَشْخَاصٍ ثَلَاثَةٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّ الْمَالِ وَادَّعَى الثَّانِي نِصْفَهُ وَادَّعَى الثَّالِثُ ثُلُثَيْهِ، وَأَقَامَ الثَّلَاثَةُ الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ الْإِمَامِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ فَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمْ الْبَيِّنَةَ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي دَعْوَى رَفِيقَيْهِ الِاثْنَيْنِ.
وَصُورَةُ حَلِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَدِلَّتِهَا تَفْصِيلًا مُحَرَّرَةٌ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ مُتَصَرِّفَانِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ - وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute