وَتَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ. الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: أَلَّا يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ وَيُثْبِتَ الشِّرَاءَ مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ لِشِرَاءٍ مِنْ ذِي الْيَدِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَارِجِ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَالسَّابِقِ (الدُّرَرُ) .
الْقَيْدُ الثَّانِي: أَلَا يَدَّعِيَ ذُو الْيَدِ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْخَارِجِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي مُدَّعِيًا مِنْ ذِي الْيَدِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْته مِنْك، وَأَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى (الدُّرَرُ) . الْقَيْدُ الثَّالِثُ: أَلَا يَدَّعِيَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَسَيُبَيَّنُ الْمُحْتَرِزُ عَنْهُ فِي هَذَا الْقَيْدِ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: وَهُوَ: وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا بِأَنَّهُمَا تَلَقَّيَا أَوْ تَلَقَّى مُوَرِّثُهُمَا الْمِلْكَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ وَارِثُ الْمُتَوَفَّى الْبُسْتَانَ الَّذِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّ مُوَرِّثِي قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْبُسْتَانَ مِنْ بَكْرٍ وَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ عَمْرٍو، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُبَيِّنَا فِي دَعْوَاهُمَا تَارِيخًا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ عَمْرٍو (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْقَيْدُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا أَمَّا إذَا كَانَ كِلَاهُمَا خَارِجًا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً. مَثَلًا إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا: إنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ فُلَانٍ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً سَوَاءٌ بَيَّنَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَالْآخَرُ لَمْ يُبَيِّنْ (الدُّرَرُ) .
الشِّرَاءُ: قَابِلٌ لِلتَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا يَبِيعُ لِعَمْرٍو وَعَمْرًا يَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِبَكْرٍ أَوْ يَهَبُهُ وَيُسَلِّمُهُ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا يَشْتَرِيهِ مِنْ بَكْرٍ. قَابِلٌ لِلتَّكْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي فِي عَرْصَةٍ ثُمَّ إنَّهُ يَنْقُضُ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَيَبْنِي فِي عَرْصَةٍ أُخْرَى. وَالْغَرْسُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ يُزْرَعُ فِي مَحَلٍّ ثُمَّ يُقْلَعُ مِنْهُ وَيُغْرَسُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. زِرَاعَةُ الْحُبُوبِ: قَابِلَةٌ لِلتَّكْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ بَعْدَ زَرْعِهِ فِي الْأَرْضِ يُجْمَعُ مِنْ الْأَرْضِ وَيُغَرْبَلُ وَيُبْذَرُ ثَانِيًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا تَرَدَّدَ فِي قَابِلِيَّةِ السَّبَبِ لِلتَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَإِذَا تَرَدَّدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي ذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ دَعْوِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِهِ قَائِلًا إنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكِي وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ بَكْرٍ أَوْ مَوْرُوثٌ لِي عَنْ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute