أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَكَّرَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ وَالدُّرَرُ) .
وَيَبْتَدِئُ الْيَمِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ (أَوَّلًا) فِي الثَّمَنِ (ثَانِيًا) أَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (٢٦٢) مِنْ الْمَجَلَّةِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا إعْطَاءُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْبَادِيَ بِالْإِنْكَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْكَارُهُ أَشَدُّ (الْبَحْرُ) . فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَلَفَ يَحْلِفُ الْبَائِعُ ثَانِيًا. صِفَةُ الْيَمِينِ وَشَكْلِهَا: يَجْرِي التَّحْلِيفُ عَلَى النَّفْيِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يُضَمُّ الْإِثْبَاتُ إلَى النَّفْيِ بِأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ بَاعَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى النَّفْيِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ «بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا عَلِمْتُمْ لَهُ قَاتِلًا» (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَفِي بَيْعِ الصَّرْفِ فَالْقَاضِي مُخَيَّرٌ فِي الْبَدْءِ بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِلِاسْتِوَاءِ فِي فَائِدَةِ النُّكُولِ (الدُّرَرُ) . فَأَيُّهُمَا يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ يُثْبِتُ دَعْوَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ إمَّا أَنَّهُ إقْرَارٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ فَثُبُوتُ الدَّعْوَى ظَاهِرٌ. وَإِمَّا أَنَّهُ بَذْلٌ، وَالْبَاذِلُ لَا يَبْقَى لَهُ مُعَارَضَةٌ مَعَ الْمَبْذُولِ لَهُ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْآخَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَجِبُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ ثَبَتَتْ وَالْقَضِيَّةُ قَدْ انْتَهَتْ.
وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ بِفَسْخِ الْقَاضِي ذَلِكَ الْبَيْعِ بِطَلَبِهِمَا أَوْ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ادِّعَاءُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَأَصْبَحَ الْبَيْعُ مَجْهُولًا فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْبَيْعَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ يَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا بَدَلٍ وَهَذَا مُفْسِدٌ لَهُ فَلِذَلِكَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (٣٧٢) . وَلَا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِدُونِ طَلَبٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ مَا لَمْ يَفْسَخْهُ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبَهُ الطَّرَفُ الْآخَرُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ يَبْقَى الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ لَهُمَا فَسْخَهُ بِالِاتِّفَاقِ (الْبَحْرُ) . وَيَجْرِي التَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا. مَثَلًا: إذَا اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَيَعُودُ الْبَيْعُ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي تَحَالُفٌ (الدُّرَرُ والشرنبلالي) . أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ إقَالَةَ السَّلَمِ هِيَ إسْقَاطٌ لِلدَّيْنِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥١) (الدُّرَرُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute