للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبْطَالِ. مَثَلًا: إذَا حَكَمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالثُّبُوتِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَكُونُ قَدْ مَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ إعْطَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يُقَالُ قَدْ حَكَمَ الْقَاضِي أَيْ أَنَّهُ وَضَعَ الْحَقَّ فِي أَهْلِهِ أَيْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَمَنَعَ الْغَيْرَ الْمُحِقِّ مِنْ الْإِبْطَالِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَالْحُكْمُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ. وَقَيْدُ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ لِإِخْرَاجِ الصُّلْحِ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ أَلْفَاظُ الْقَاضِي كَأَلْزَمْت أَوْ حَكَمْت أَوْ أَنْفَذْت الْقَضَاءَ عَلَيْك (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَإِنَّ عَدَمَ ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْمَجَلَّةِ الْوَارِدِ فِي رَدُّ الْمُحْتَارِ هُوَ لِلسَّبَبِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرَفَيْنِ الْمُنَازَعَةَ بَيْنَهُمَا صُلْحًا يَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْقَاضِي كَمَا أَنَّهَا تَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْمُحَاكَمَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (١٥٣١) . وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى قِسْمَيْنِ وَوَجْهُ الِانْحِصَارِ هُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ أَوْ مُبْطِلًا فَإِذَا ظَهَرَ مُحِقًّا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا ظَهَرَ مُبْطِلًا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ التَّرْكِ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ إلْزَامُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ حَكَمْت أَوْ قَضَيْت أَوْ أَلْزَمْت فَأَعْطِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك لِهَذَا الْمُدَّعِي أَوْ سَلِّمْهُ أَوْ ادْفَعْ الدَّيْنَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك (الْحَمَوِيُّ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (كَقَوْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي بِإِقْرَارِك أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَظَهَرَ ذَلِكَ أَوْ صَحَّ أَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عِنْدَك كَذَا حَقًّا فَهُوَ حُكْمٌ أَمَّا لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّنِي أَظُنُّ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك كَذَا أَوْ إنَّنِي أَرَى أَنَّ لَهُ حَقًّا عِنْدَك فَلَا يَكُونُ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتِمُّ بِأَلْفَاظِ الشَّكِّ (الْخَانِيَّةُ) . وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَضَاءِ قَضَاءُ إلْزَامٍ وَقَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ وَقَضَاءُ مِلْكٍ، وَإِنْ قُسِّمَ قَضَاءُ الْإِلْزَامِ وَالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ كَمَا يُسْتَدَلُّ مِنْ أَلْفَاظِهِ يَكُونُ فِي حَالَةِ ظُهُورِ حَقِّ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا حَكَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالتَّزْكِيَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ هَذَا الْقَضَاءُ قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ.

نَفَاذُ الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَعَدَمُ نَفَاذِهِ. إذَا كَانَتْ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ حَقَّةٌ فَلَا شُبْهَةَ بِأَنَّهَا نَافِذَةٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَمَّا إذَا كَانَتْ بَاطِلَةً فَهِيَ اسْتِحْقَاقٌ ظَاهِرٌ لَا بَاطِنٌ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بَاطِلًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى؛ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>