وَيُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي بِخُصُوصِ مُتَعَلِّقٍ بِحُقُوقِ النَّاسِ ادِّعَاءُ أَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْ دُونِ سَبْقِ دَعْوَى. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَأَرَادَ إثْبَاتَ أَمْرٍ بِدُونِ وُجُودِ خَصْمٍ يَدَّعِي ذَلِكَ الْحَقَّ فَلَا يُقْبَلُ الْحَمَوِيُّ.
إيضَاحَاتٌ: الْحُكْمُ الصَّرِيحُ، أَمَّا فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ: أَوَّلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ فِي حَقٍّ وَذَكَرُوا اسْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْحَقِّ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالنَّسَبِ مَعَ أَنَّهُ لَا تُوجَدُ دَعْوَى بِالنَّسَبِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (٥٤) الْحَمَوِيُّ ثَانِيًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فِي الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَى الْخَصْمِ الْمُنْكِرِ وَحَكَمَ بِالتَّوْكِيلِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا. ثَالِثًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْخُصُومَةِ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى الْمُتَكَوِّنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ مُعَلَّقَةً عَلَى دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَادَّعَى الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ لِمُوَكِّلِهِ حَقًّا بِنَاءً عَلَى الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ دُخُولَ رَمَضَانَ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ شُهُودًا عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَيَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ ضِمْنَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ الْحَمَوِيُّ. رَابِعًا: إذَا قَامَ أَحَدٌ دَعْوَى عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ كَفَلْت الدَّيْنَ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْكَفِيلِ قَصْدًا وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا حَالَ كَوْنِهِ لَمْ تَسْبِقْ دَعْوَى عَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ وَقَدْ بِأَمْرِهِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَلَكِنْ لَهُ تَأْثِيرٌ وَدَخَلَ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ الْحَمَوِيُّ الْحُكْمُ الْقَوْلِيُّ، أَمَّا الْحُكْمُ الْفِعْلِيُّ فَلَا يَحْتَاجُ لِلدَّعْوَى وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِعْلُ الْقَاضِي مَحَلَّ الْحُكْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى. مَثَلًا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي الصَّغِيرَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ قَسَمَ عَقَارَهُ أَوْ اشْتَرَى مَالًا لِلْيَتِيمِ فَهُوَ حُكْمٌ فِعْلِيٌّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى عَدَمَ صَلَاحِيَّةِ الْقَاضِي لِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٨٣٨ " (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنًى - إنَّ فِعْلَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَيْسَ بِحُكْمٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الْقَاضِيَ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمًا بَلْ يَكُونُ وَكَالَةً عَنْ الْوَلِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute