للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ وَاسْتِدْعَاءِ الْمُدَّعِي أَيْ بَعْدَ إجْرَاءِ الْأُصُولِ الْمَبْنِيَّةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٦١٨ "، إلَى الْمُحَاكَمَةِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي بِوَاسِطَةِ مَحْضَرِ الْمَحْكَمَةِ. وَكَانَتْ أُصُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي الْأَوَائِلِ أَنْ يُرْسِلَ الْمُحْضِرَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُبَلِّغُهُ شَفَاهِيًّا وَيَحْضُرُ الْخَصْمُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ الَّتِي تَبَلَّغَهَا مِنْ الْمُحْضَرِ الْمُرْسَلِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَيُصْبِحُ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَدَعْوَةُ الْخَصْمِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ تَحْصُلُ بِإِرْسَالِ وَرَقَةٍ تُدْعَى (دَعْوَتِيَّةً) تَبْلُغُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُحْضَرِ كَمَا سَيَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (١٨٣٤) الْآتِيَةِ الذِّكْرِ. وَيُؤَدِّي لِلْمُحْضَرِ أُجْرَةً مُنَاسِبَةً وَهَذِهِ الْأُجْرَةُ تَلْزَمُ الْمُدَّعِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ تَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَمَرِّدَ عَنْ الْحُضُورِ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي.

وَفِي نَتِيجَةِ الْفَتَاوَى تُوجَدُ فَتْوَى شَرِيفَةٌ بِذَلِكَ. أَمَّا التَّمَرُّدُ فَيُفْهَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ ابْتِدَاءً مُحْضَرًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدْعُوهُ لِلْمُحَاكَمَةِ وَأُجْرَةُ هَذَا الْمُحْضَرِ تَلْزَمُ الْمُدَّعِي فَإِذَا تَمَرَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحُضُورِ لِلْمَحْكَمَةِ وَامْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَيَجْرِي الْإِشْهَادُ عَلَى تَمَرُّدِهِ فَإِذَا أَرْسَلَ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ الْمُحْضَرَ ثَانِيًا فَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمُحْضَرِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَمَرُّدِهِ اسْتِحْسَانًا لِلزَّجْرِ النَّتِيجَةُ ". وَقَدْ وَضَحَّتْ الْخَانِيَّةُ التَّمَرُّدَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: يَأْخُذُ الْمُدَّعِي مُرَاسَلَةً مَخْتُومَةً بِخَتْمِ الْقَاضِي لِتَبْلِيغِهَا لِلْخَصْمِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَتُهُ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَيُبَلِّغُ الْمُدَّعِي هَذِهِ الْمُرَاسَلَةَ لِخَصْمِهِ وَيَفْهَمُهُ بِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَإِذَا رَدَّ الْخَصْمُ الْمُرَاسَلَةَ وَامْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَيَجْرِي الْمُدَّعِي الْإِشْهَادَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّمَرُّدِ وَإِذَا سَكَتَ الْخَصْمُ بِأَنْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يُجِبْ أَوْ وَعَدَ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ خَالَفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُعَدُّ مُتَمَرِّدًا فَالْقَاضِي يُحْضِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَبْرًا بِوَاسِطَةِ الْمُحْضَرِ أَوْ الشَّرْطِيِّ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ وَيُعَزِّرُهُ لِتَمَرُّدِهِ.

وَالْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ تَخْتَلِفُ بِنِسْبَةِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْمُحْضَرُ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَاخِلِ الْبَلْدَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الْمَحْكَمَةُ فَتَكُونُ أُجْرَةُ الْمُحْضَرِ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا خَارِجَ الْبَلْدَةِ. فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ وَعَنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمُحَاكَمَةِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا أَوْ امْرَأَةِ مُخَدَّرَةِ فَيَحْضُرُ إلَيْهَا جَبْرًا. وَيَسْتَعِينُ الْقَاضِي بِالْوَالِي وَبِأَفْرَادِ الشُّرْطَةِ فِي إحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية " أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا بِحَيْثُ إذَا جَاءَ الْمُحَاكَمَةَ مَاشِيًا يُوجِبُ ذَلِكَ اشْتِدَادَ مَرَضِهِ أَوْ كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحُضُورِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ " ١٩ " وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا

<<  <  ج: ص:  >  >>