الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا مِنْ وَجْهٍ وَبَائِعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ كَبَيْعِ الْمُقَايَضَةِ مَثَلًا إذَا قَايَضَ شَخْصٌ آخَرَ فَأَعْطَاهُ دَارًا وَأَخَذَ مِنْهُ حِنْطَةً فَلِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَقَايِضَيْنِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُشْتَرٍ لِلْمَالِ الَّذِي قَصَدَهُ مِنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ مَالَهُ بِدَيْنٍ وَعَيْنٍ لَمْ يَرَهَا وَفَسَخَ الْبَيْعَ حِينَمَا رَأَى الْعَيْنَ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ بِحِصَّةِ الْعَيْنِ وَيَبْقَى فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ حِصَانَهُ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَبِبَغْلَةٍ لَمْ يَرَهَا ثُمَّ عِنْدَمَا رَأَى الْبَغْلَةَ رَدَّهَا فَالْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الْبَغْلَةِ مُنْفَسِخٌ وَفِي خَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ لَازِمٌ لِأَنَّهُ خِيَارٌ فِي الدَّيْنِ (هِنْدِيَّةٌ. عَبْدُ الْحَلِيمِ) لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ يَكُونُ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ فِي الْحِصَانِ وَلَهُ عَدَمُ قَبُولِ الْبَيْعِ لِحُصُولِ الشَّرِكَةِ فِي الْحِصَانِ وَلِصَاحِبِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ أَنْ يَقْبَلَهُ بِحُضُورِ الْبَائِعِ أَوْ فِي غَيْبَتِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حُضُورُ الْبَائِعِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ أَظَهَرَ الْمَبِيعُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي وَصَفَ وَعَرَفَ بِهِ الْمُشْتَرِي أَمْ كَانَ مُخَالِفًا بِأَنْ يَكُونَ أَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ.
فَفِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ خِيَارُ الْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (هِنْدِيَّةٌ) .
أَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَيْسَ فِيهِمَا خِيَارُ رُؤْيَةٍ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ. الْمِثْلِيُّ - أَمَّا الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُعَيَّنَةُ فَإِنَّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ يَجْرِي فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجْرِي فِيهَا ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِلَا حَائِلٍ أَمَّا الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ سِتَارٍ فَغَيْرُ كَافِيَةٍ فَلَوْ رَأَى شَخْصٌ شَيْئًا فِي جَامٍ أَوْ مُنْعَكِسًا فِي الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى الْمَاءِ فَلَا يَكُونُ رُؤْيَتُهُ رُؤْيَةً لِلْمَبِيعِ فَحِينَمَا يَرَاهُ رُؤْيَةً حَقِيقِيَّةً يَكُونُ مُخَيَّرًا حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ وَالْفُولِ وَالْأُرْزِ فِي سَنَابِلِهَا وَالسِّمْسِمِ فِي قِشْرِهِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا لَا تُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٢٠٦) إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: (١) الْوَكِيلُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ (رَدَّ الْمُحْتَار) .
(٢) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ وَقَبَضَهُ بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ أَيْضًا وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (هِنْدِيَّةٌ) . إنَّ قَبُولَ الْمَبِيعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّصْرِيحِ كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ قَدْ رَضِيتُ بِهِ أَوْ أَجَزْتُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّضَا وَالْقَبُولِ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً كَأَنْ يَقْبِضَهُ أَوْ رَسُولُهُ أَوْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ يَعْرِضَ بَعْضَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ (هِنْدِيَّةٌ) كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا فَقَالَ عِنْدَمَا رَآهَا لِلْحَاضِرِينَ اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ يَدُلُّ عَلَى تَقْرِيرِ الْمِلْكِ وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣٣٥) . (بَزَّازِيَّةٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute