للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تَعَيَّبَ مَالٌ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي ذَلِكَ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ. وَيُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ خِيَارَ الْعَيْبِ وَخِيَارَ النَّقِيصَةِ. .

وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ عِبَارَةُ (إذَا ظَهَرَ) فَالْمُحَاكَمَةُ الَّتِي تُجْرَى لِإِظْهَارِ الْعَيْبِ تَجْرِي عَلَى النِّظَامِ الْآتِي:

١ - لِتَوَجُّهِ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَائِعِ يَجِبُ الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ وُجُودُ ذَلِكَ الْعَيْبِ يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَدَّعِي الْعَيْبَ إثْبَاتُهُ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَلَا تَتَوَجَّهُ خُصُومَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ يَكُونُ بِوُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ فِي الْمَبِيعِ وَأَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا كَمَا يَتَّضِحُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ.

الثَّانِي: بِالْمُشَاهَدَةِ إذْ أَنَّ الْمَعِيبَ عَلَى قِسْمَيْنِ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ فَالظَّاهِرُ مَا يُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْقُرُوحِ وَالْعَمَى وَالْعُضْوِ الزَّائِدِ وَالْعَرَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَاهَاتِ الظَّاهِرَةِ فَلِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ يَكْفِي رُؤْيَةُ الْحَاكِمِ لِذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْحَاكِمِ.

الثَّانِي الْعَيْبُ الْبَاطِنُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ كَالْأَمْرَاضِ الدَّاخِلِيَّةِ.

الثَّالِثُ: بِإِخْبَارِ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ بَاطِنِيًّا فَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُهُ الطَّبِيبُ أَوْ الْبَيْطَارُ بِالْفَحْصِ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَجَبَ أَنْ يُحِيلَ الْحَاكِمُ الْمَبِيعَ إلَى طَبِيبٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ بَيْطَارٍ أَوْ اثْنَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَةِ فِي خَبَرِ الطَّبِيبِ أَوْ الْبَيْطَارِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَدَالَةُ مُشْتَرَطَةً " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١٦٧٩ ".

وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ الطَّبِيبِ أَوْ الْبَيْطَارِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْعَيْبِ قَدِيمًا كَمَا سَيَأْتِي.

الرَّابِعُ: بِنُكُولِ الْبَائِعِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ الْعَيْبِ فِي الْحَالِ فِي الْمَبِيعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِوُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَكَذَا يَتَرَتَّبُ التَّحْلِيفُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَرَتَّبُ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَصِحَّةُ الدَّعْوَى هُنَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ وَبِدُونِ الْعَيْبِ لَا تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ.

٢ - يَجِبُ لِلْحُكْمِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ تَحَقُّقُ قِدَمِهِ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ:

الْأَوَّلُ: بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ أَوْ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ يُسْأَلُ الْبَائِعُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٨١٦ " فَإِذَا أَقَرَّ يُحْكَمُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَيْهِ أَوْ نُقْصَانِ الثَّمَنِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٧ و ١٨١٧ " وَحِينَئِذٍ تَنْتَهِي الدَّعْوَى وَالْمُحَاكَمَةُ " خُلَاصَةٌ " إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ سُقُوطَ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي رَدِّ الْمَبِيعِ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ " شَارِحٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>