الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى قُلُنْسُوَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ قِرْشًا فَظَهَرَتْ إحْدَاهُمَا مَعِيبَةً قَبْلَ الْقَبْضِ يَرُدُّهُمَا مَعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْمَعِيبَةَ وَحْدَهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ سَالِمَةً وَيُمْسِكُ الثَّانِيَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَيْ خُفٍّ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ لَهُ رَدُّهُمَا مَعًا لِلْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِمَا مِنْهُ.
الْمُرَادُ مِنْ الْقَبْضِ قَبْضَ الْجَمِيعِ فَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِقْدَارًا مِنْ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْقِسْمَ الْآخَرَ مِنْهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ مَجْمُوعَهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ الَّذِي ظَهَرَ مَعِيبًا كَانَ الْقِسْمَ الْمَقْبُوضَ أَوْ كَانَ الْقِسْمَ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ (هِنْدِيَّةٌ) .
أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ فِي الْمَعِيبِ الْمَقْبُوضِ وَفِي السَّالِمِ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئَيْنِ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا وَالْآخَرُ سَالِمًا وَبَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ قَبَضَ السَّالِمَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَعِيبَ فَيَبْقَى خِيَارُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبِلَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ أَحَدَهُمَا وَيَرُدَّ الثَّانِيَ وَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ أَيْ تَفْرِيقُ عَقْدِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ أَحَدَهُمَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ يَحْصُلُ بِالْقَبْضِ فَالتَّفْرِيقُ فِي الْقَبْضِ كَالتَّفْرِيقِ فِي الْمَقْبُوضِ فَلِذَلِكَ بِمَا أَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ الْمِلْكَ التَّصَرُّفِيَّ فَالْقَبْضُ يُشْبِهُ الْمَقْبُوضَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ: أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً وَكَانَتْ مُتَعَدِّدَةً؛ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ فَقَطْ.
وَتَعَدُّدُ صَفْقَةِ الْبَيْعِ يَحْصُلُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ مَعَ تَكْرَارِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَلَا يَكْفِي تَفْصِيلُ الثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ١٧٩ وَالْمَادَّةِ ١٨٠ " أَبُو السُّعُودِ، زَيْلَعِيٌّ ".
وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ بَعْضُ مَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعِيبَةً بَعْدَ الْقَبْضِ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّفْرِيقِ ضَرَرٌ كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَغْلَيْنِ، أَوْ دَارَيْنِ، أَوْ حِصَانَيْنِ، أَوْ ثَوْرَيْنِ غَيْرَ مُعْتَادَيْنِ عَلَى الْعَمَلِ مَعًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ انْفِكَاكُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الِانْتِفَاعِ مِنْهُمَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ رِضَاءً، أَوْ قَضَاءً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ سَالِمًا؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ قَدْ تَمَّتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ بَاقٍ فِي الْمَبِيعِ السَّالِمِ وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ؛ فَلَهُ رَدُّهُمَا بِرِضَائِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٩٠ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ أَحَدِ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَإِذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ الْبَائِعُ حِصَّةَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ فَتَكُونُ الْحِصَّةُ مُعَيَّنَةً وَمَعْلُومَةً وَإِلَّا؛ تُعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قِيمَةِ الْمَبِيعَاتِ وَقْتَ الْبَيْعِ.
مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ حِصَانَيْنِ لِآخَرَ أَحَدُهُمَا أَدْهَمُ وَالثَّانِي أَشْقَرُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَمِئَتَيْ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُمَا لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ ثَمَنَهُمَا ظَهَرَ الْحِصَانُ الْأَدْهَمُ سَالِمًا وَقْتَ الْبَيْعِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْأَشْقَرِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَبِمَا أَنْ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ الْأَدْهَمِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ هِيَ ثُلُثَا مَجْمُوعِ قِيمَةِ الْحِصَانَيْنِ الَّتِي هِيَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَالْمُشْتَرِي يَسْتَرِدُّ مِنْ الْبَائِعِ ثَمَانمِائَةِ قِرْشٍ وَهِيَ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَالْمِئَتَيْ قِرْشٍ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَيَرُدُّ الْحِصَانَ الْأَدْهَمَ لِلْبَائِعِ وَالْعَمَلِيَّةُ الْحِسَابِيَّةُ تَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ١٥٠٠: ١٠٠٠:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute