الْأُخْرَى وَلَا يُحْكَمُ بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ فِي الْكُلِّ بِدَاعِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ وَلَكِنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قُلْنَا فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِخِيَارِ عَيْبِ الشَّرِكَةِ.
وَقَدْ قُلْنَا آنِفًا: إنَّ لِلشَّرِيكِ غَيْرِ الْآجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ وَيَسْتَرِدَّهَا وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ اسْتِرْدَادُ الْحِصَّةِ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ حَمَّامًا، أَوْ طَاحُونًا، أَوْ حَانُوتًا صَغِيرًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَارَاتِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ يَخْطُرُ فِي الْبَالِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِحَلِّ هَذَا الْإِشْكَالِ:
(١) إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالشَّرِيكِ غَيْرِ الْآجِرِ وَهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَقَدْ جَاءَ فِيهَا: (إذَا كَانَتْ طَاحُونٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا فَآجَرَ الثُّلُثَيْنِ صَاحِبُهُمَا مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ الطَّاحُونِ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخْذُ أَجْرِ ثُلُثِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ غَاصِبٌ لِلثُّلُثِ غَيْرِ الْمَأْجُورِ وَلَا تُؤَجَّرُ هَذِهِ الْحِصَّةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمَالِ الشَّائِعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ بَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَهَا يَوْمًا لِانْتِفَاعِ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَفِي هَذَا الْيَوْمِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يُعَطِّلَ الطَّاحُونَ؛ لِأَنَّ تَعْطِيلَ الطَّاحُونِ غَيْرُ مُضِرٍّ بِهَا فَإِذَا كَانَ حَمَّامٌ مُشْتَرَكًا عَلَى نَحْوِ الِاشْتِرَاكِ فِي الطَّاحُونِ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ تَعْطِيلُ الْحَمَّامِ فِي يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ تَعْطِيلَ الْحَمَّامِ مُضِرٌّ وَالْأَوْلَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ تَجْرِيَ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَاحِبِ الثُّلُثِ فَيَتَسَلَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَمَّامَ شَهْرَيْنِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ شَهْرًا، أَوْ أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ عَلَى مُدَّةٍ أَطْوَلَ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الِانْتِفَاعُ بِالْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْحَمَّامِ عَلَى مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ مُضِرَّةٌ) .
(بِتَصَرُّفٍ) .
وَيُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْهِنْدِيَّةِ هَذِهِ جَوَازُ الْمُهَايَأَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَالِكِ.
(٢) أَنْ يَفْسَخَ الشَّرِيكُ غَيْرُ الْآجِرِ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَيَخْرَجُ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (١٠٧٠) فَيَكُونُ انْتِفَاعُ الْمَالِكِ بِالْمَأْجُورِ حَسَبَ الْمَادَّتَيْنِ (١١٨٤ و ١١٨٥) وَلَا يُجَابُ طَلَبُ الْآجِرِ تَسَلُّمَ الْمَالِ كُلِّهِ بَعْدَ الْإِخْلَاءِ فِيمَا لَوْ طَلَبَ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَإِنْ كَانَتْ قَاطِعَةً لِلنِّزَاعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلشَّرِيكِ الْآجِرِ مِنْ نَفَاذِ مَا اتَّخَذَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِحِصَّتِهِ وَلَمْ يَرِدْ نَقْلٌ يُجِيزُ ذَلِكَ.
(٣) أَنْ يُحْكَمَ بِإِدْخَالِ ثُلُثِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي الْمَأْجُورِ وَفِي ذَلِكَ تَقْوِيَةُ النِّزَاعِ لَا قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ لَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا حِينَمَا تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى الْمَأْجُورِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ بِصُورَةِ الْإِقَالَةِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا أَجَرَ شُرَكَاءُ دَارًا لَهُمْ فَيَتَقَابَلُ الطَّرَفَانِ فِي نِصْفِهَا فَالْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ وَهَذِهِ حِيلَةٌ.
فِي الْإِجَارَةِ الْمُشَاعَةِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ بِالْوَفَاةِ كَأَنْ يُؤَجِّرَ رَجُلَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا مِنْ إنْسَانٍ فَيَتَوَفَّى أَحَدُهُمَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الْمُتَوَفَّى وَتَبْقَى فِي حِصَّةِ الْحَيِّ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ دَارًا فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِهِمَا فِي حِصَّتِهِ وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. الْأَنْقِرْوِيّ. الْهِنْدِيَّةُ. الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .