للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْوَاقِعِ إذَا انْتَقَلَ الْمَأْجُورُ بِوَفَاةِ الْإِيجَارِ إلَى وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَرْضَوْا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيُعَدُّ بَقَاءُ حُكْمِ الْعَقْدِ ذَا ضَرَرٍ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارِ.

وَذَلِكَ كَانْتِقَالِ الْعَيْنِ الَّتِي أَوْصَى الْمَالِكُ بِمَنْفَعَتِهَا إلَى الْوَرَثَةِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُقَالُ لَا ضَرَرَ يَلْحَقُ بِالْوَرَثَةِ؛ إذْ قَدْ يَأْخُذُونَ بَدَلَ الْإِجَارَةِ.

مُلَاحَظَاتٌ: يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْمَجَلَّةِ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَعَلَيْهِ فَيُحْكَمُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَفَاتِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْقُضَاةَ مُنْذُ تَأْسِيسِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَلَوْ كَانُوا مِنْ الْمُقَلِّدِينَ لِمَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى مَا دَامُوا فِي مَحَاكِمِهَا.

وَهُنَاكَ مَسْأَلَةٌ جَدِيرَةٌ بِالتَّأَمُّلِ هِيَ مَعْرِفَةُ الْمَذْهَبِ الَّذِي سَيَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَكْثَرَ مُوَافَقَةً لِرُوحِ الْعَصْرِ وَلِلنَّاسِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ لِيُرَجَّحَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِرَادَةٍ سَنِيَّةٍ وَقَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَضْرَارٌ جَمَّةٌ.

كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ تَاجِرٌ عِمَارَةً كَبِيرَةً مِنْ آخَرَ بِخَمْسَةِ آلَافِ جُنَيْهٍ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَهَا وَأَتَمَّ لَوَازِمَهُ فِيهَا وَشَرَعَ فِي مُعَاطَاةِ أَشْغَالِهِ تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ فَإِذَا لَمْ يُوَافِقْ وَارِثُ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ فَقَدْ يَلْحَقُ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِخْلَاءِ تِلْكَ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ جَسِيمٌ.

كَذَلِكَ لَوْ فَرَضْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ مَعَ وَفَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ وَارِثٍ يُمْكِنُهُ إدَارَةُ أُمُورِ التِّجَارَةِ كَأَنْ يَكُونَ وَلَدًا رَضِيعًا فَإِنَّ إعْطَاءَ ذَلِكَ الْبَدَلِ الْعَظِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ أَيْضًا.

قَدْ نُشِرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ١٢٨٤ قَانُونُ سَنَدِ الْمُقَاوَلَةِ وَقَدْ صُرِّحَ فِي مَادَّتِهِ الْأُولَى بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ إلَّا أَنَّ قَانُونَ إيجَارِ الْعَقَارِ الَّذِي كَانَ مَرْعِيَّ الْإِجْرَاءِ مُنْذُ ١٠ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ ١٢٩١ يَقُولُ فِي مَادَّتِهِ الْوَاحِدَةِ وَالْعِشْرِينَ (إذَا ادَّعَى بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَفَاتِهِمَا مَعًا؛ فَلَا يُسْمَعُ) .

وَقَدْ نُشِرَ بَعْدَ هَذَا الْقَانُونِ.

قَانُونٌ ثَالِثٌ لِإِيجَارِ الْعَقَارِ لَمْ يَأْتِ فِيهِ ذِكْرٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا عَنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، أَوْ عَدَمِهِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ.

وَمِمَّا مَرَّ نَعْلَمُ أَنَّ الدَّوْلَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ قَدْ أَخَذَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ تَرَكَتْهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ فَلَمْ تَذْكُرْهَا كَأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ الْأَنْسَبَ فِيهَا أَنْ تَجْرِيَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ وَالْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ.

أَمْثِلَةٌ: لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ: أَوَّلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ آخَرَ سَنَةً فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ بِوَفَاةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

ثَانِيًا: إذَا اسْتَأْجَرَ عَقَارًا ثُمَّ آجَرَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَالْإِجَارَتَانِ مُنْفَسِخَتَانِ (التَّنْقِيحُ) .

ثَالِثًا: إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اثْنَيْنِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ عَنْ صِحَّةِ الْمُتَوَفَّى فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٤٣٠) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

مُسْتَثْنًى: إذَا تُوُفِّيَ مُؤَجِّرُ السَّفِينَةِ فِي عَرْضِ الْبَحْرِ وَمُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ لَا تَنْفَسِخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>