للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَكَانِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَجِبْ الْأُجْرَةُ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) .

وَإِلَّا فَالِانْتِفَاعُ الْحَقِيقِيُّ لَيْسَ شَرْطًا فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ عَرَضًا مِنْ الْأَعْرَاضِ لَا تَبْقَى فِي زَمَانَيْنِ مَعًا فَلَيْسَ مِنْ الْمُتَصَوَّرِ تَسْلِيمُهَا.

وَقَدْ أُقِيمَ تَسْلِيمُ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمَأْجُورُ مَقَامَ تَسْلِيمِهَا فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِلَامِ الْمَأْجُورِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُؤَجِّرِ أَكْثَرَ مِنْ تَمْكِينِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَمَتَى تَحَقَّقَ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا كَمَا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٧٩) (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، شَلَبِيّ) .

مُسْتَثْنًى.

قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ:

إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ وَرَبَطَهَا فِي إصْطَبْلِهِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ اسكدار إلَى أزميت وَأَمْسَكَهَا فِي اسكدار وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى أزميت وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَبَسَهَا فِي بَيْتِهِ لَمْ تَجِبْ الْأُجْرَةُ (الطُّورِيُّ) .

وَهَذَا وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ: إنَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَحَبْسِهَا ضَرَرًا فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ مُتَعَدِّيًا وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. (الطُّورِيُّ، الشَّلَبِيُّ) .

مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَبَعْدَ قَبْضِهَا (خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ) يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا أَصْلًا مَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَأَنْ تُغْصَبَ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ.

وَقَدْ أُرِيدَ بِقَيْدِ (خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ) الِاحْتِرَازُ عَنْ تَسْلِيمِ الدَّارِ وَفِيهَا شَيْءٌ كَأَثَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَسْلِيمُ الْمُؤَجِّرِ الدَّارَ وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَثَاثِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٥٢٣، ٥٨٤)) .

وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حُلِيًّا لِتَزْدَانَ بِهَا عَرُوسٌ وَقَبَضَهَا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا وَلَوْ لَمْ تَتَزَيَّنْ بِهَا الْعَرُوسُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا شَهْرًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ فِيهَا يَوْمَيْنِ فَقَطْ انْتَقَلَ لِغَيْرِهَا بِدُونِ عُذْرٍ فَلِلْآجِرِ أُجْرَةُ الشَّهْرِ كَامِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ) .

كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ مِنْ صَبَاحِ يَوْمٍ إلَى مَسَائِهِ وَأَبْقَاهُ فِي بَيْتِهِ إلَى الْمَسَاءِ دُونَ أَنْ يَلْبَسَهُ لَزِمَ أَدَاءَ أُجْرَتِهِ كَامِلَةً.

وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْمَسَاءِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مَكَّنَهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ؛ انْتَهَى بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ.

وَالْإِذْنُ فِي اللُّبْسِ كَانَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ.

(الشَّلَبِيُّ) .

كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً لِنَقْلِ حِمْلٍ إلَى مَحَلٍّ وَلَمْ يُحَمِّلْهَا الْحِمْلَ وَلَمْ يَرْكَبْهَا بَلْ سَاقَهَا سَوْقًا إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ عُذْرٍ مَنَعَهُ عَنْ تَحْمِيلِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ حِينَئِذٍ.

(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥١٨) " الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ ") كَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ وَلَمْ يَرْكَبْهَا بَلْ تَرَكَهَا تَمْشِي فِي جَانِبِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ (الشَّلَبِيُّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>