للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي تَعْيِينِ الْأُجْرَةِ وَإِعْطَائِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَقَدْ عُدِلَ عَنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٧ وَ ١٨)) .

وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَتَى قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ وَأَتَمَّهُ. وَلَا تَلْزَمُهُ فِيهَا الْأُجْرَةُ بِبَعْضِ الْعَمَلِ بِنِسْبَتِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِبَعْضِ الْعَمَلِ.

مَثَلًا: إذَا خَاطَ الْأَجِيرُ الَّذِي هُوَ الْخَيَّاطُ الثِّيَابَ كَامِلَةً فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَفَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ أَخَذَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا لَوْ خَاطَ بَعْضَ أَجْزَاءِ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالثِّيَابِ بِخِيَاطَةِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا. أَمَّا إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ فِي غَيْرِ دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ أُجْرَةُ بَعْضِ الْعَمَلِ بِحِسَابِهِ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ بِنِسْبَةِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِهَا. وَقَدْ قَبِلَتْ الْخَانِيَّةُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فَإِنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْعَمَلِ يَصِيرُ مُسَلَّمًا إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ بِالْفَرَاغِ وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّسْلِيمُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ عَلَى حُصُولِ كَمَالِ الْمَقْصُودِ.

وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا فِي بَيْتِهِ أَيْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَعْدَ أَنْ خَاطَ بَعْضَهُ سُرِقَ الثَّوْبُ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْبَعْضِ الَّذِي خَاطَهُ (الْكِفَايَةُ) .

نَعَمْ، لَوْ سُرِقَ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ أَوْ انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بِنَائِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَى بَعْضَهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَهُ أَجْرُ مَا بَنَى فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (الطُّورِيُّ) .

إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ عَامِلًا مِمَّنْ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَفَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ أَيْ أَنَّهُ خَاطَ الثَّوْبَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَخَذَ مِنْهُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّهُ بِتَلَفِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ بِيَدِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٨٢) (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) .

أَمَّا الْعُمَّالُ الَّذِينَ لَيْسَ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ فَيَسْتَحِقُّونَ الْأَجْرَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَوْ لَمْ يُسَلَّمْ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَالْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى عَمَلٍ هِيَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ مَثَلًا: لَوْ فَتَقَ الْخَيَّاطُ مَا خَاطَهُ أَيْ أَفْسَدَ مَا عَمِلَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْخِيَاطَةِ مِنْ أَجْرٍ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ بِحُكْمِ الْإِجَازَةِ عَلَى خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَرَّةً ثَانِيَةً لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَا إذَا أَفْسَدَ شَخْصٌ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ بَعْدَ أَنْ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ فَلَا أَجْرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. إلَّا أَنَّ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْخِيَاطَةِ مِمَّنْ أَفْسَدَهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْخِيَاطَةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي هَذَا لَا يُجْبَرُ الْأَجِيرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَلَ وَوَفَّى بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ إذَا رَجَعَ الْمُكَارِي مِنْ مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ بِالْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ لِنَقْلِهِ خَوْفًا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي حَمَلَ مِنْهُ الْمَالَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ بِذَلِكَ أُجْرَةٌ مُطْلَقًا لِنَقْضِ عَمَلِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى نَقْلِ الْحِمْلِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ إلَيْهِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>