أَمَّا إذَا عَادَتْ مِيَاهُ الرَّحَى قَبْلَ الْفَسْخِ كَمَا جَاءَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ عَوْدَتِهَا لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ سَبَبُ الْفَسْخِ قَبْلَ أَنْ تُفْسَخَ الْإِجَارَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ دَارًا وَخَرِبَتْ وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ وَلَكِنْ لَوْ بَنَاهَا الْآجِرُ كَمَا كَانَتْ فَلَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَنَاهَا كَمَا كَانَتْ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ يَتَوَجَّهُ بِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا الْآجِرِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَسَخَ الْآجِرُ الْإِجَارَةَ فَلَيْسَ لِفَسْخِهِ حُكْمٌ حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا وَانْهَدَمَ أَوْ احْتَرَقَ فَبَنَاهُ الْآجِرُ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ الِامْتِنَاعُ عَنْ ذَلِكَ أَوْ طَلَبُ الزِّيَادَةِ فِي الْأُجْرَةِ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَفُتْ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ إنَّمَا فَسَدَ فَسَادًا فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٥١٦) .
تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ بِمَنْعِ الِانْتِفَاعِ لَا بِمُحَاوِلَةِ مَنْعِهِ فَقَطْ. فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رَحًى مِنْ آخَرَ وَادَّعَى الْجِيرَانُ (أَنَّ دَوَرَانَهَا يُوهِنُ أَبْنِيَتَنَا وَيُلْحِقُ بِنَا أَضْرَارًا فَاحِشَةً) وَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبُوا تَعْطِيلَهَا عَنْ الْعَمَلِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَمَا لَمْ يُنَفَّذْ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَيُمْنَعْ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَعَلَيْهِ فَإِنَّ عَدَمَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ مُسْقِطٌ لِلْأُجْرَةِ. فَلَوْ شُرِطَ فِي الْإِجَارَةِ تَنْزِيلُ أُجْرَةِ الْمَادَّةِ الَّتِي تَقِفُ فِيهَا الرَّحَى عَنْ الْعَمَلِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً.
(اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٤٦٢)) أَمَّا إذَا نُزِّلَتْ أُجْرَةُ شَهْرَيْنِ فِي مُقَابِلِ التَّعْطِيلِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّ تَنْزِيلَ أُجْرَةِ التَّعْطِيلِ مِنْ مُقْتَضَيَات عَقْدِ الْإِجَارَةِ. وَتِلْكَ الْمُدَّةُ إمَّا أَنْ تَنْقُصَ أَوْ تَزِيدَ عَنْ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ.
وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ شَرْطُ تَنْزِيلِ شَهْرَيْنِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
تَوْضِيحٌ لِفَوْتِ الْمَنَافِعِ بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ: تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِجَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ نَفْسِهَا فَلَوْ اغْتَصَبَ شَخْصٌ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ (بِالشَّفَاعَةِ أَوْ الْحِمَايَةِ) فَقَطْ بِدُونِ نَفَقَةٍ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ. فَالشَّفَاعَةُ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْطَافِ خَاطِرِ الْغَاصِبِ وَاسْتِنْزَالٍ عَنْ الْمَغْصُوبِ وَالْحِمَايَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعَانَةِ لِرَدِّ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا.
أَمَّا إذَا احْتَاجَ ذَلِكَ إلَى الْإِنْفَاقِ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرًا عَلَيْهِ.
مَعَ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ اثْنَيْنِ وَاغْتُصِبَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ فَقَطْ.
أَمَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ لَا يَفُوتُ بِغَصْبِ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ، كَمَا إذَا اغْتَصَبَ شَخْصٌ الْأَرْضَ الْمَأْجُورَةَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا مُسْتَأْجِرُهَا وَرُدَّتْ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ عَلَى حَالِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ