للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِهَايَتُهُ بِتَعَيُّنِ أَدْنَاهُ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَكُونُ مَعْلُومًا وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِي الْبَاقِي لِمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْجَهَالَةِ.

سُؤَالٌ - فَإِنْ قِيلَ: كَمَا أَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ مَعْلُومٌ فَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الثَّانِي مَعْلُومٌ فَلِمَ خَصَّصْتُمْ الْأَوَّلَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ؟ الْجَوَابُ - قُلْنَا: إنَّمَا اُخْتُصَّ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْهُ وَحُصُولِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الشُّهُورِ حَتَّى إذَا سَكَنَ سَاعَةً مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مِثْلُهُ (شَلَبِيّ) .

وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٢٢٠) إذَا بِيعَتْ صُبْرَةٌ مِنْ الْحِنْطَةِ كُلُّ كَيْلَةٍ بِكَذَا قِرْشًا فَالْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ نَافِذٌ فِي الْكُلِّ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّمَا يَنْفُذُ فِي كَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَكُونُ فَاسِدًا فِي الْبَاقِي.

وَقَدْ اُعْتُبِرَ هُنَاكَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ وَلَكِنْ فِي الْإِجَارَةِ لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْإِمَامَانِ فِي اتِّفَاقٍ مَعَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِيهَا.

وَإِلَيْك الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ: بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشُّهُورِ نِهَايَةٌ فِي الْإِجَارَةِ فَرَفْعُ الْجَهْلِ بِهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَبِمَا أَنَّ لِلصُّبْرَةِ آخِرُ فَيُمْكِنُ رَفْعُ الْجَهْلِ بِهَا بِالْكَيْلِ لَكِنْ عِنْدَ خِتَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَانْتِهَاءِ الْإِجَارَةِ الَّتِي عُقِدَتْ صَحِيحَةً وَلَازِمَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا كُلٌّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي بِحُضُورِ الْآخَرِ عَنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَالشُّهُورِ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ قَدْ انْتَهَى وَبَقِيَ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ.

وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٦١) أَنَّ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ.

وَسَبَبُ الْفَسْخِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي هُوَ الْفَسَادُ الْمُحَرَّرُ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ وَلَيْسَ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ الْمَجَلَّةَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٤٠) قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهَا (الطُّورِيُّ) .

قُلْنَا إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَكَمَا يَكُونُ لِلْآجِرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَالْمُسْتَأْجِرُ حَاضِرٌ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ وَلَيْلَتِهِ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ. وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ أَحَدُهُمَا الْإِجَارَةَ لَزِمَتْ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّالِثِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا شَاءَ وَهَكَذَا. وَهُنَا قَدْ أَصْبَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِئْجَارِ بِقَوْلِك لِشَهْرٍ وَاحِدٍ وَالِاسْتِئْجَارُ بِقَوْلِك (لِكُلِّ شَهْرٍ) . (الْأَنْقِرْوِيّ) .

أَمَّا إذَا مَضَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَيْلَتُهُ وَلَمْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ الثَّانِي لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَانْقِلَابِهِ بِذَلِكَ إلَى الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٤٣٨) لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا فَتَمَّ الْعَقْدُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ عَنْ الْمُضِيِّ (الزَّيْلَعِيّ) فَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الدَّارِ حَلَفَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَهَا فَتَرَكَهَا فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَارَ يَتَقَاضَى الْأُجْرَةَ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ فَلَا يَكُونُ آجِرًا وَلَوْ طَلَبَ أُجْرَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنْهُ بَعْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>