للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبَحْثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَوْفًى فِي الشَّرْحِ الْآتِي: أَمَّا تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ زِيَادَةً عَنْ ثَلَاثِ صُوَرٍ كَأَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ فَلَا يَجُوزُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٣١٦) .

غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ بِالْعَمَلِ وَإِذَا وُجِدَ يَصِيرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْجَهَالَةَ الَّتِي فِي طَرَفِ الْأُجْرَةِ تَرْتَفِعُ كَمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْجَهَالَةُ الَّتِي فِي طَرَفِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِ أَجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ فَهِيَ ثَابِتَةٌ وَتُفْضِي إلَى النِّزَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَتَسَلُّمِهَا.

إذْ الْمُسْتَأْجِرُ يُرِيدُ هَذِهِ وَالْمُؤَجِّرُ يُرِيدُ الْأُخْرَى فَتَحَقَّقَ النِّزَاعُ فَيَبْقَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِدُونِ اشْتِرَاطِ خِيَارِ التَّعْيِينِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) .

(١) مَثَلًا لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت دَقِيقًا فَلَكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خِطْت خَشِنًا فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ، فَأَيُّ الصُّورَتَيْنِ عَمِلَ لَهُ أُجْرَتُهَا أَيْ إنْ خَاطَ الثَّوْبَ خِيَاطَةً دَقِيقَةً أَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهُ خَشِنًا أَخَذَ مِائَةَ قِرْشٍ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ عَلَى صُورَةٍ مَا فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ مُطْلَقًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ.

وَلَيْسَ ظُهُورُ الصُّورَتَيْنِ مَعًا بِالْفِعْلِ مُمْكِنًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ خَاطَ قِسْمًا بِصُورَةٍ وَالْآخَرَ بِصُورَةٍ أُخْرَى؟ فِي هَذَا الِاحْتِمَالَاتِ الْآتِيَةِ:

١ - أَنْ يَخِيطَ دَقِيقًا.

٢ - أَنْ يَخِيطَ خَشِنًا.

٣ - أَنْ لَا يَخِيطَ مُطْلَقًا.

٤ - أَنْ يَخِيطَ قِسْمًا دَقِيقًا وَقِسْمًا خَشِنًا.

٥ - أَنْ يَخِيطَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ مَعًا أَيْضًا.

وَقَدْ بُحِثَ فِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ جَمِيعِهَا وَهَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْعَمَلِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ بِنَفْسِك فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ خَاطَهُ أَحَدُ أُجَرَائِك فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشٍ فَقَطْ.

فَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ هُوَ وَلَا أَحَدُ أُجَرَائِهِ أُجْبِرَ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَمِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَنْ يَخِيطَ الْخَيَّاطُ وَأَجِيرُهُ الثَّوْبَ مَعًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ لَوْ خَاطَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمًا؟

وَيُرَى فِي هَذَا أَيْضًا الصُّوَرُ الْخَمْسُ الَّتِي مَرَّتْ آنِفًا.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلصَّبَّاغِ إذَا صَبَغْت الثَّوْبَ بِهَذَا النَّوْعِ فَلَكَ ثَمَانُونَ قِرْشًا وَبِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ الْآخَرِ خَمْسُونَ أَمَّا إذَا صَبَغْته بِاللَّوْنِ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ أَرْبَعُونَ قِرْشًا (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .

فَإِذَا لَمْ يَصْبُغْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ يُجْبَرُ عَلَى صِبَاغَتِهِ.

وَأَمَّا بِالثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ وَيُلَاحِظُ هُنَا أَيْضًا خَمْسُ مَسَائِلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>