وَحُكْمُ التَّرْدِيدِ فِي أَنْوَاعِ الزِّرَاعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضُ لِلْمُزَارِعِ إذَا زَرَعْت الْأَرْضَ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَكَ رُبُعُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بِكِرَابٍ وَاحِدٍ فَلَكَ ثُلُثُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بكرابين فَلَكَ نِصْفُ الْمَحْصُولِ فَلِلْمُزَارِعِ نَصِيبُهُ حَسْبَمَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ (الْكِفَايَةُ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ) وَإِذَا لَمْ يَزْرَعْهَا مُطْلَقًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ حَاصِلَاتٌ. وَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ زِرَاعَتُهَا بِنَوْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَعًا. لَكِنَّهُ إذَا زَرَعَ قِسْمًا مِنْهَا بِنَوْعٍ وَالْقِسْمَ الْآخَرَ بِنَوْعٍ آخَرَ لَزِمَتْ فِي كُلِّ قِسْمٍ ظَاهِرُ أُجْرَةِ النَّوْعِ الَّذِي زُرِعَ بِهِ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ التَّعَيُّنِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (٣١٦) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ.
٨ - وَيَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي نَقْلِ الْحَمْلِ أَيْضًا. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجَرُ لِلْحَمَّالِ إذَا نَقَلْت هَذَا الْحِمْلَ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِذَا نَقَلْت ذَلِكَ الْحَمْلَ فَلَكَ خَمْسُونَ. فَيَجُوزُ وَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْحَمْلِ الَّذِي يُنْقَلُ أَوَّلًا وَإِذَا نَقَلَ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أُجْرَةً وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ. وَإِذَا نَقَلَ الْحِمْلَيْنِ مَعًا أَخَذَ نِصْفَ أُجْرَتَيْهِمَا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَا بِيَدِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَضْمَنُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .
وَلَيْسَ قَيْدُ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ وَنَفْيِهَا. أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ بِطَرِيقَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَثَلًا لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَا أَجْرَ لَك فَإِذَا خَاطَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ أَخَذَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ وَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ الثَّانِي أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ إسْقَاطَ الْأَجْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يَنْفِي وُجُوبَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَنَفْيُ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَا يَنْفِي أَصْلَ الْعَقْدِ فَكَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَقْدٌ لَا تَسْمِيَةٌ فِيهِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الطُّورِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute