للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَهُ فَسْخُهَا بِغِيَابِ الْآجِرِ أَيْضًا وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ فَسَخَ أَوْ لَمْ يَفْسَخْ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ ٤٧٨.

مَثَلًا لَوْ انْهَدَمَ مَحَلٌّ يُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ وَإِلَّا فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الدَّارِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ كَأَنَّهُ مَا خَرَجَ.

وَأَمَّا لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِالْكُلِّيَّةِ فَمِنْ دُونِ احْتِيَاجٍ إلَى حُضُورِ الْآجِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ.

أَيْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٥١٥) قَبْلَ رَفْعِ عَيْبٍ حَادِثٍ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ عُيُوبِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (٥١٤) فَلَهُ فَسْخُهَا بِحُضُورِ الْآجِرِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ عِلْمُ الْمُؤَجِّرِ بِالْفَسْخِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عَدَمِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ فَيُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَحْدَهُ حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى رِضَاءِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ حُكْمِ الْقَاضِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٥١٣) .

وَإِنْ فَسَخَهَا فِي غِيَابِ الْآجِرِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فَسْخُهُ وَكِرَاءُ الْمَأْجُورِ يَسْتَمِرُّ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْفَسْخِ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا وَالْمُسْتَأْجِرُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَعَ ذَلِكَ التَّغْيِيرِ أَيْ النَّقْصِ.

(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤٧٠، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَفِي الْبَابِ الْخَامِسِ، وَالطُّورِيُّ) .

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ الْآجِرُ الدَّارَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهُ رِضَاءً بِالْفَسْخِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٨) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ عُيُوبِ الْمَادَّةِ (٥١٤) فَفَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي غِيَابِ الْآجِرِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا الْفَسْخُ أَيْضًا لَيْسَ يَحْتَاجُ إلَى رِضَاءِ الْآجِرِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاكِمِ، وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهَا فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا (رَاجِعِ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ) .

وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا دُونَ فَسْخٍ (الْأَنْقِرْوِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

سُؤَالٌ: أَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاجِبِ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ بِفَوْتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِثْلَمَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمَأْجُورَةِ وَمِثْلَمَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ؟ الْجَوَابُ: إنَّ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ مَبْنِيٌّ عَلَى سَبَبَيْنِ.

الْأَوَّلُ: تَصَوُّرُ عَوْدَةِ الْمَنَافِعِ وَفَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُشْبِهُ فِرَارَ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَأْجُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَالثَّانِي إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ.

عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَضَرْبِ فُسْطَاطٍ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ وَبِذَلِكَ تُصْبِحُ الدَّارُ مَوْضِعًا لِلسُّكْنَى أَيْضًا.

وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (الزَّيْلَعِيّ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعَيْبِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>