أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً أَوْ ذُرَقًا (وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ النَّبَاتِ) أَوْ نَوْعًا آخَرَ مِمَّا يُغْرَسُ لِلثَّمَرِ أَوْ لِلْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ أَوَكَانَ لَهُ نِهَايَةٌ بَعِيدَةُ كَقَصَبِ السُّكَّرِ كَانَ الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُخَيَّرًا عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ:
١ - لِلْآجِرِ أَنْ يُبْقِيَ الشَّجَرَ أَوْ الذُّرَقَ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَلَهُ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأَجْرٍ أَوَبِلَا أَجْرٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِعَارَةِ، قَالَ الزَّيْلَعِيّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِذَا رَضِيَ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَحِينَئِذٍ تَجِبُ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ لِبَقَاءِ الشَّجَرِ فَإِذَا عُقِدَتْ إجَارَةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إجَارَةٌ جَدِيدَةٌ وَإِلَّا فَإِعَارَةٌ وَالشَّجَرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ، وَالْعَقَارُ لِلْآجِرِ أَوْ الْمُعِيرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا آجَرَ الْأَرْضَ مَعًا قُسِمَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) وَتُعَيَّنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٢٥) .
٢ - وَلَهُ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ الذُّرَقِ وَاسْتِلَامُ الْمَأْجُورِ فَارِغًا وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إبْقَاءُ الْبِنَاءِ أَوَالشَّجَرِ فِي حَالِ عَدَمِ رِضَاءِ الْآجِرِ بِبَقَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إعَادَةُ الْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَارِغًا كَمَا أَخَذَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُ مَا حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْآجِرُ بِبَقَائِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَبَقَاؤُهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ بَقَاءٌ دَائِمِيًّا مِمَّا يَضُرُّ بِالْآجِرِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (٩٦ وَ ٥٩١ وَ ٥٩٣) غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبْقَى الشَّجَرَ فِي أَرْضِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِ ثَمَرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٨٠) شَرْحًا وَمَتْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ اتَّحَدَ الْجَوَابُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ الْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْغَصْبُ حَيْثُ يَجِبُ فِيهِمَا الْقَلْعُ وَالتَّسْلِيمُ فَارِغًا.
وَفِي الزَّرْعِ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ فَفِي الْغَصْبِ يَلْزَمُ الْقَلْعُ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الزِّرَاعَةِ وَفِي الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ اسْتِحْسَانًا بِأَجْرِ الْمِثْلِ.
وَفِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ وَغَيْرِ الْمُوَقَّتَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّرَاعَةِ بِجِهَةِ الْعَارِيَّةِ. وَلِإِدْرَاكِ الزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُتْرَكُ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ (الشِّبْلِيُّ) .
٣ - إذَا كَانَ هَدْمُ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُ الشَّجَرِ مُضِرًّا بِالْعَقَارِ الْمَأْجُورِ مَثَلًا فَلِلْآجِرِ إبْقَاءُ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَإِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مُسْتَحَقًّا لِلْقَلْعِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَسَوَاءٌ أَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَيَتَمَلَّكُهَا بِالرَّغْمِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ وَبِذَلِكَ يَتَضَرَّرُ الْمُؤَجِّرُ.
وَقَدْ جُعِلَ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْمُحْدَثَاتِ بِإِعْطَائِهِ قِيمَتَهَا دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٣١) لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهُمَا حَيْثُ أَوْجَبْنَا لِلْمُؤَجِّرِ تَسَلُّمَ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَتُهُمَا مُسْتَحِقَّيْ الْقَلْعِ لِأَنَّ أَصْلَ وَصْلِهِمَا بِحَقٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .