للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا دَفَعَ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا إذَا كَانَ قَلْعُهُ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ وَيَبْقَى الْبِنَاءُ مِلْكًا.

رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ وَعَمَّرَ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ يَأْذَنُ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ هَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ فَأَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةِ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفُ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِهَا وَتَسْوِيَةِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلُ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ: الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ هِيَ مَا تُؤَجَّرُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ وَهِيَ وَقْفٌ أَيْضًا وَالِاسْتِحْكَارُ عَقْدُ إجَارَةٍ يُرَادُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَوَجْهُهُ إمْكَانُ رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْقَلْعِ إذْ لَوْ قُلِعَتْ لَا تُؤَجَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلِوَرَثَتِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِأَنْ كَانَ هُوَ وَوَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ مُتَغَلِّبًا سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

قِيلَ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْقِيمَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرَاضِيِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَمْتَلِكَهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي الْعِبَارَةُ الَّتِي جَاءَتْ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِرُمَّتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا.

كَذَلِكَ إنْ أَبَى الْمَالِكُ إلَّا الْقَلْعَ بَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْغِرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِلْمَالِكِ فَتَكُونُ الْغِرَاسُ وَالْأَرْضُ لِلْغَارِسِ وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ فَتَكُونُ الْأَرْض وَالْأَشْجَارُ لَهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرْصَةُ الْمَأْجُورَةُ وَقْفًا وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْعَرْصَةِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهَا وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَيْضًا. إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ الَّذِي يَغْتَصِبُ أَرْضًا مِنْ آخَرَ وَيَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا يُؤْمَرُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٠٦) مِنْ الْمَجَلَّةِ بِقَلْعِ أَشْجَارِهِ أَوْ هَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا، غَيْرَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَاءَتْ أَقْوَالُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: عَلَى الْغَاصِبِ قَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَإِخْلَاءُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَرَدُّهَا لِصَاحِبِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ أَوْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلِلْغَاصِبِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ بَعْدَ أَدَاءِ ثَمَنِهَا إلَى مَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ، وَهُنَا يَتْبَعُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالْبِنَاءِ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ مِنْهَا.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا بَنَى الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ أَوْ غَرَسَ شَجَرًا بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَلِلْغَاصِبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَدِّيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَتَهَا وَيَمْتَلِكَهَا أَمَّا إذَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>