الْبَهْجَةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) أَمَّا إذَا بَلِيَ الْمَأْجُورُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهُ حَسَبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ الْجِيرَانِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَتَّخِذُ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مَكَانًا لِارْتِكَابِ الْمُوبِقَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَكُلُّ مَا يُمْكِنُهُمْ تَقْدِيمُ النُّصْحِ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٤٤) .
وَذِكْرُهُ هُنَا الدَّارَ لَيْسَ بِقَيْدٍ أُرِيدَ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا جَاءَتْ هُنَا كَمِثَالٍ فَقَطْ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَخَذَ مُسْتَأْجِرُ الْأَرْضِ فِي تَخْرِيبِهَا تَخْرِيبًا ظَاهِرًا، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْآجِرُ مِنْ مَنْعِهِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ بِهَذَا السَّبَبِ (الْأَنْقِرْوِيّ) .
مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِبَيْعِ الِاسْتِغْلَالِ
إنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٩) عَقْدٌ مُرَكَّبٌ مِنْ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَالْإِجَارَةِ مَعًا وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْمُنَاسِبِ الْبَحْثَ فِيهِ فِيمَا يَلِي:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا بَاعَ إنْسَانٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ مِنْ آخَرَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ بَيْعًا وَفَائِيًّا وَبَعْدَ أَنْ أَخْلَاهُ لَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ صَحَّ الْإِيجَارُ وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى، وَهَذَا يُقَالُ لَهُ بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي فَرَاغِ اسْتِغْلَالِ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ أَيْضًا. فَلَوْ تَفَرَّغَ الْمُتَوَلِّي الْمَأْذُونُ لِأَحَدٍ بِالْوَقْفِ ذِي الْإِيجَارَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ أَخْلَاهُ الْمُتَفَرِّغُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُتَفَرَّغِ لَهُ أَجَرَهُ مِنْ الْمُتَفَرِّغِ صَحَّ الْإِيجَارُ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ (الْبَهْجَةُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الِاسْتِئْجَارُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ شَرْطٌ. فَعَلَيْهِ إذَا وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ اسْتِئْجَارٌ مُطْلَقًا فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ.
مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ مُتَوَلٍّ نُقُودًا مَوْقُوفَةً مَبْلَغًا مِنْهَا لِآخَرَ وَبَاعَ هَذَا مِنْهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ دَارًا مَمْلُوكَةً لَهُ بَيْعًا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْلَالِ وَأَخْلَاهَا لَهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يُؤَجِّرْهُ إيَّاهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوْ أَجَرَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَهْجَةُ) مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ وَسَيُبَيِّنُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - يَكُونُ الْبَيْعُ بِالِاسْتِغْلَالِ ضِمْنَ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلَا يَكُونُ ضِمْنَ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهُ وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ (الْبَيْعِ بِالِاسْتِغْلَالِ) لِأَنَّ الْمَرْهُونَ بِمَا أَنَّهُ مَالُ الرَّاهِنِ ذَاتًا وَرَقَبَةً. فَلَيْسَ جَائِزًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْإِنْسَانُ مَالَهُ فِي مُقَابِلِ أُجْرَةٍ.
مَثَلًا لَوْ رَهَنَ الْمَدِينُ عِنْدَ دَائِنِهِ دَارًا لَهُ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِنْ الرَّاهِنِ.