للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا الْحِمْلَ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مِنْ جِهَةٍ لِانْبِسَاطِهِ فَهُوَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَشَدَّ مَضَرَّةً بِهَا.

وَلِذَلِكَ رَجَحَتْ جِهَةُ الضَّرَرِ وَحَظَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٦) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ مَتَى كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرَرٌ فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْإِذْنُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (الطُّورِيُّ) .

تَفْصِيلَاتٌ فِي الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ إمَّا بِالْجِنْسِ أَوْ بِالْمِقْدَارِ وَتَقَعُ إمَّا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:

أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِالْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ.

مَثَلًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ؛ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا.

لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا أَصْلًا (الْعِنَايَةُ) وَإِذَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا نِصْفَ الْحِمْلِ شَعِيرًا وَنِصْفَهُ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ مَعَ نِصْفِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَثْقَلُ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَكِيلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةٍ مِنْ الْقُطْنِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةِ حَدِيدٍ أَوْ أَقَلَّ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ.

وَهُنَا لَا تَلْزَمُهُ الْأَجْرُ لِمُخَالَفَةِ الْجِنْسِ وَلَوْ سَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا قَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ الدَّابَّةِ اغْتِصَابًا.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٩٦) .

ثَانِيًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْقِيمَةِ جَمِيعِهَا وَلِلْمُؤَجِّرِ هُنَا إذَا شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ.

مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا فَأَجَّرَهَا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ أَكْثَرَ مَضَرَّةً مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَتَلِفَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا.

ثَالِثًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذِهِ الْحَالِ ضَمَانٌ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْضِيحِ الْآتِي قَرِيبًا:

رَابِعًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي مِقْدَارٍ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ بِسَبَبِهِ كَثِيرًا بِدَرَجَةٍ لَا تُطِيقُ حَمْلَهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِلدَّابَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦) (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالزَّيْلَعِيّ) .

وَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى مَعَ الزِّيَادَةِ مِمَّا تُطِيقُ الدَّابَّةُ حَمْلَهَا مَعًا سَوَاءٌ.

(١) أَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ غَيْرَ مُتَأَثِّرَةٍ مِنْ ذَلِكَ.

(٢) أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>