كَذَلِكَ لَوْ قَالَ مُؤَذِّنٌ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ إلَى بِلَادٍ أُخْرَى إلَى آخَرَ قُمْ بِالْأَذَانِ إلَى أَنْ أَعُودَ مِنْ غِيَابِي عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ كَذَا قِرْشًا أُجْرَةً وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْأَذَانِ مُدَّةَ سَنَةٍ فَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَلَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٦٢) (النَّتِيجَةُ ٠ وَالْبَهْجَةُ) جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُهُ (لَوْ اسْتَأْجَرَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ أَحَدٌ وَلَدَهُ إلَى أُسْتَاذٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ) لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ وَلَدَهُ إلَى مُدَرِّسَةٍ لِيَتَعَلَّمَ وَلَمَّا تَعَلَّمَ مُدَّةً وَكَادَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ أَخْرَجَ وَلَدَهُ مِنْ عِنْدِ الْأُسْتَاذِ حَتَّى لَا يُعْطِيَ الْأُجْرَةَ وَالْهَدَايَا الْمُعْتَادَةَ فَلِلْأُسْتَاذِ أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ (التَّنْقِيحُ) اسْتِئْجَارُ الْآدَمِيِّ لِلطَّاعَةِ: اسْتِئْجَارُ الْآدَمِيِّ لِلطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى حَصَلَتْ تَحْصُلُ لِلْعَامِلِ، وَلَيْسَ لِلْآمِرِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْعِبَادَاتِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْغَيْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيُصَلِّيَ وَيَصُومَ لَهُ، فَلَا يَصِحُّ، وَبِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا لِلْمَيِّتِ، وَلَا لِلْقَارِئِ، وَمُنِعَ الْقَارِئُ لِلدُّنْيَا وَالْآخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ (الْأَنْقِرْوِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ أَنَّ التَّعْلِيمَ وَالْإِمَامَةَ وَالْأَذَانَ وَالْوَعْظَ هِيَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَدْ جَازَ اسْتِئْجَارُهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ خَصَّصَتْ الْمَجَلَّةُ حُكْمَهَا بِهَا.
وَقَدْ جَوَّزَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِئْجَارَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ كَانُوا يُكَافِئُونَ الْمُعَلِّمِينَ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ مِنْ دُونِ شَرْطٍ، وَلَا قَيْدٍ عَمَلًا بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠] ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَذَهَبَ ذَلِكَ وَاشْتَغَلَ الْحُفَّاظُ بِمَعَاشِهِمْ وَقَلَّ مَنْ يُعَلِّمُ حِسْبَةً، وَلَا يَتَفَرَّغُونَ لَهُ أَيْضًا فَإِنَّ حَاجَتَهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ لَذَهَبَ الْقُرْآنُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِ ذَلِكَ وَرَأَوْهُ حَسَنًا وَقَالُوا الْأَحْكَامُ قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ (الزَّيْلَعِيّ) اتَّفَقَتْ النُّقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الطَّاعَاتِ بَاطِلٌ لَكِنْ جَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ فَأَفْتَوْا بِصِحَّتِهِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْمُعَلِّمِينَ عَطَايَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَانْقَطَعَتْ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ وَأَخْذُ الْأُجْرَةِ لَضَاعَ الْقُرْآنُ وَفِيهِ ضَيَاعُ الدِّينِ لِاحْتِيَاجِ الْمُعَلِّمِينَ إلَى الِاكْتِسَابِ وَأَفْتَى مَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا مِنْ أَمْثَالِهِمْ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَجَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِمَا لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا فَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ لَوْ كَانُوا فِي عَصْرِهِمْ لَقَالُوا بِذَلِكَ.
وَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ أَئِمَّةُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى عَلَى نَقْلِهِمْ بُطْلَانَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ إلَّا فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. وَمَنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلْيَتَفَضَّلْ بِمُرَاجَعَةِ آخَرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفَتَاوَى الْمُسَمَّاةِ (تَنْقِيحٌ الْحَامِدِيُّ) (وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأُسْتَاذِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّلَامِيذِ الْمُرَادِ تَعْلِيمُهُمْ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ " أَيْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّالِبُونَ مَعْلُومِينَ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ.
وَكَمَا أَنَّ لِلْمُعَلِّمِينَ أَخْذُ أُجْرَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذُوا الْهَدَايَا الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute