فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ عِنْدَ عَجْزِ الْبَائِعِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِإِيجَارِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ حَقَّ الْفَسْخِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهَا قَبِلَتْ قَوْلَ الطَّرَفَيْنِ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَالصَّحِيحَ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الطَّرَفَيْنِ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) .
فَعَلَى ذَلِكَ إذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى الْمُؤَجِّرِ الْبَائِعِ بِخِيَارِ الْبَيْعِ، فَلَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، فَلَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْلٍ وَتَعُودُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ (هِنْدِيَّةٌ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَشَرُ) . فَلَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ حَقَّ الْفَسْخُ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الْمَأْجُورَ عَلَى الْآجِرِ بِعَيْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ، وَلَا بِشَكْلٍ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ هَلْ تَعُودُ الْإِجَارَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى، أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ الزربخري أَنَّهَا لَا تَعُودُ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى جَدِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهَا تَعُودُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَشَرَ) . وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمْ أَيْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ، وَلَا تَعُودُ بَعْدَ انْفِسَاخِهَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِ الْفَسْخِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ بِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ أَيْ يُرَدَّ إلَيْهِ مِقْدَارُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ نَقْدًا لِلْآجِرِ وَرِضَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْبَيْعِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ رِضَاءٌ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي حَبْسِ الْمَأْجُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ إجَازَتِهِ الْبَيْعَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَأْجُورَ فِي يَدِهِ لِاسْتِرْدَادِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ.
وَلَوْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ذَلِكَ الْبَدَلَ سَقَطَ حَقُّ حَبْسِهِ. حَتَّى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ بَاعَ الْمَأْجُورَ وَسَلَّمَهُ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ، فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَأْجُورِ، أَمَّا إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ فَقَطْ، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِهِ. وَإِذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الدَّابَّةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مِنْ أَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ دُونِ عُذْرٍ وَعَطِبَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ تِلْكَ الدَّابَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَابِ التَّاسِعِ الْبَزَّازِيَّة) . وَلْتُرَاجَعْ التَّفْصِيلَاتُ الْوَارِدَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٥٥) فِي شَأْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَقِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ إذَا بَاعَ الْمَأْجُورَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ، وَلَوْ رَخَّصَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْعَ الْمَأْجُورِ مِنْ أَحَدِ النَّاسِ وَبَاعَهُ الْآجِرُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْبَيْعُ يَكُونُ نَافِذًا أَيْضًا، أَمَّا لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مِنْ أَحَدٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا يَجُوزُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ) .
وَالْفَرْقُ: هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقٌّ فِي بَدَلِ الْمَأْجُورِ أَيْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ اسْتَبْدَلَ حَانُوتَهُ بِحَانُوتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute