للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ فَرَأْيُهُمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالْمَوْتِ حَتْفَ الْأَنْفِ وَحُصُولِ حَرِيقٍ كَبِيرٍ وَهُجُومِ جَمَاعَةٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ كَانَ مَرْعَى الْقَرْيَةِ غَابَةً فَلَا يَتَمَكَّنُ الرَّاعِي مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى كَافَّةِ الْأَغْنَامِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا. أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبٍ كَالسَّرِقَةِ أَوْ لِخَطْفِهِ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالتَّنْقِيحُ) .

مَثَلًا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا وَفُقِدَ حَيَوَانٌ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ (الْخَيْرِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (٦١١) هَذَا أَيْضًا: وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

١ - بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِتَعَدِّيهِ

٢ - بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

٣ - بِالشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَيَقَعُ بِشَيْءٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ.

٤ - بِالشَّيْءِ الَّذِي يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا أَمْ لَا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مُطْلَقًا.

وَجْهُ الِاخْتِلَافِ: هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يَقُولُ إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ وَالْحِفْظِ مَعًا فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مَضْمُونٌ وَلَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (٧٧٧) .

أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَقُولَانِ إنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ فِي مُقَابِل الْعَمَلِ مَعَ الْحِفْظِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَادَّةِ (٧٧٧) (وَتَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) . وَقَدْ رَجَّحَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْهُ؛ لِأَنَّهَا:

أَوَّلًا: ذَكَرْته فِي الْمَادَّةِ (٦٠٩) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ أَنَّ عَدَمَ تَخْصِيصِ الْمَجَلَّةِ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْمُشَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُشْتَرَكًا وَكَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِثَالِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا وَهُنَاكَ سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

ثَانِيًا: إنَّ الْفِقْرَةَ (وَبِهَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ ذَلِكَ الْمَالُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ) مِنْ الْمَادَّةِ (٤٧٢) هِيَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ " هِدَايَةٌ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٤٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>