يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي وَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّ تَعَدِّيًا آخَرَ أَيْ أَنَّهُ إذَا رَعَى الْحَيَوَانَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ وَتَلِفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَيَلْزَمُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ شَرَطْنَا رَعْيَ الْمَوَاشِي فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ، وَقَالَ الْأَجِيرُ لَمْ نَشْتَرِطْ ذَلِكَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا مِنْهُمَا وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الرَّاعِي وَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ (الْأَنْقِرْوِيّ والخصالي، وَالْبَزَّازِيَّة) مِثَالٌ لِلْحَرَكَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْأَمْرِ دَلَالَةً: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ قُمَاشًا وَقَالَ إنْ خَرَجَ قَبَاءً فَصِّلْهُ بِكَذَا قِرْشًا أُجْرَةً فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَلِصَاحِبِ الْقُمَاشِ أَنْ يُضَمِّنَ الْخَيَّاطَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّفْصِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِخُرُوجِهِ قَبَاءً وَلِذَلِكَ يُفْهَمُ أَنَّ الْخَيَّاطَ لَيْسَ مَأْذُونًا بِتَفْصِيلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا لِقَبَاءٍ وَإِنْ فَصَّلَهُ الْخَيَّاطُ وَلَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَيَكُونُ قَدْ خَالَفَ أَمْرَ الْمُسْتَأْجِرِ دَلَالَةً أَمَّا إذَا أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ الْقُمَاشَ وَقَالَ لَهُ هَلْ يَكْفِي قَبَاءً لِي فَقَالَ الْخَيَّاطُ يَكْفِي فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ فَصِّلْهُ فَفَصَّلَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَلَا يَلْزَمُ الْخَيَّاطَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَيَكُونُ قَاطِعًا بِإِذْنٍ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ نَعَمْ إغْرَارًا لَهُ حَتَّى يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْغَارِّ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ أَنْ لَوْ كَانَ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْخَيَّاطُ: نَعَمْ فَقَالَ: الْمَالِكُ اقْطَعْهُ إذَنْ ضَمِنَ إذْ عَلَّقَ الْإِذْنَ بِشَرْطٍ.
إذَا نَزَلَ الْمُكَارِي فِي مُنْقَطِعٍ عَنْ الْعَمَارِ وَكَانَ فِي إمْكَانِهِ أَنْ يُفَارِقَ ذَلِكَ الْمَكَانَ وَلَمْ يُفَارِقْهُ لِكَوْنِهِ مَبَاءَةَ اللُّصُوصِ وَنُزُولِ الْأَمْطَارِ الْغَزِيرَةِ وَبَقِيَ فِيهِ فَأَفْسَدَ الْمَطَرُ مَا مَعَهُ مِنْ الْأَحْمَالِ أَوْ سَرَقَهَا اللُّصُوصُ مِنْهُ يَكُونُ ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيّ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْفَلَّاحِ اُنْقُلْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ مِنْ هُنَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ هُنَا تُفْسِدُهَا إنْ بَقِيَتْ وَقَبِلَ الْفَلَّاحُ ذَلِكَ أَيْ تَعَهَّدَ بِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ الْحِنْطَةَ وَفَسَدَتْ ضَمِنَ بَدَلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا ذَهَبَ الْحَمَّالُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهَا لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَلِفَ الْحَمْلُ ضَمِنَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٥٧٣) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ) .
ثَانِيًا: مُخَالَفَةُ الْأَجِيرِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٨٣) .
ثَالِثًا: إنْكَارُ الْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ أَيْضًا مَثَلًا إذَا أَنْكَرَ الْقَصَّارُ الثِّيَابَ الْمُعْطَاةَ إلَيْهِ لِقَصْرِهَا عِنْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سُرِقَتْ أَوْ حُرِقَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَصْبَحَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ غَاصِبًا وَإِذَا اسْتَحْصَلَهَا صَاحِبُهَا بَعْدَئِذٍ مِمَّنْ سَرَقَهَا مَثَلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَجِيرَ أُجْرَتَهُ إذَا غَسَلَهَا قَبْلَ الْجُحُودِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِصَاحِبِ الثِّيَابِ أَمَّا إذَا كَانَ الْغَسْلُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ أُجْرَةٍ لِأَنَّ الْقَصَّارَ قَصَّرَهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ (الْخَانِيَّةُ) وَإِذَا كَانَ الْأَجِيرُ صَبَّاغًا فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا صَبَغَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute