لِأَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ. أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَذْكُرَ مَعْنَى " مِنْ " و " إلَى " أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَبْدَأَ وَالْمُنْتَهَى كَمَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْجُمْلَةِ هُوَ هَذَا كَقَوْلِك أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الْيَوْمِ إلَى الشَّهْرِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: عَدَمُ ذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ أَلَّا تُذْكَرَ " إلَى " و " مِنْ " أَوْ مَعْنَاهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَلَّا يُذْكَرَ لَا الْمَبْدَأُ وَلَا الْمُنْتَهَى كَقَوْلِك كَفَلْتُهُ شَهْرًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَكُونُ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَجْرِي حُكْمُهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٣٩) وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْكَفَالَةَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَتْ مُؤَقَّتَةً وَإِنَّمَا هِيَ كَفَالَةٌ أَبَدِيَّةٌ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تُذْكَرَ " إلَى " أَوْ مَعْنَاهَا أَيْ الْمُنْتَهَى وَلَا تُذْكَرَ " مِنْ " وَذَلِكَ كَأَنْ تَقُولَ كَفَلْتُهُ إلَى شَهْرٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ لَيْسَتْ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً بَلْ مُؤَجَّلَةً. وَالْكَفِيلُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَا يُطَالَبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِمُرُورِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَ لِتَوْقِيتِ الْكَفَالَةِ وَلَقَدْ أَفْتَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْبَهْجَةِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ أَنَا أَكْفُلُ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا بَعْدَ مُرُورِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذِهِ هِيَ الْحِيلَةُ لَأَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ غَيْرَ لَازِمَةٍ الْكَفِيلَ. لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِقَوْلِهِ " إلَى " فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا فِي بَحْرِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بَعْدَ مُرُورِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ بِاشْتِرَاطِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ " الْأَنْقِرْوِيّ الْهِنْدِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ، والشُّرُنْبُلاليّ ". وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ لِاخْتِيَارِ صُورَةِ الْكَفَالَةِ الْمُوَقَّتَةِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ قُلْت وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي زَمَانِنَا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ لِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إلَّا تَوْقِيتَ الْكَفَالَةِ بِالْمُدَّةِ وَأَنَّهُ لَا كَفَالَةَ بَعْدَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَبْنَى أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيّ يَقُولُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهَ بِعُرْفِ النَّاسِ إذَا كَفَلُوا إلَى مُدَّةٍ يَفْهَمُونَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ أَنَّهُمْ يُطَالَبُونَ فِي الْمُدَّةِ لَا بَعْدَهَا. انْتَهَى الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ " مِنْ " أَيْ الْمَبْدَأَ وَلَا يَذْكُرَ الْمُنْتَهَى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، كَوْنُ الْمَبْدَأِ مِنْ الْيَوْمِ كَقَوْلِك أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الْيَوْمِ وَهَذِهِ الْكَفَالَةُ مُنْجَزَةٌ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَبْدَأِ مِنْ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كَقَوْلِكَ أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الشَّهْرِ الْآتِي وَهَذِهِ الْكَفَالَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute