الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِمْ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ فَعَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ الْأَمْرِ هُوَ لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (١٥٧٣) فَيَكُونُ الْأَمْرُ الصَّادِرُ مِنْهُمْ فِي الْكَفَالَةِ لَيْسَ صَحِيحًا أَيْضًا أَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ عَدَمِ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدُونِ الْأَمْرِ تَبَرُّعٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٥٧ وَشَرْحَهَا) . حَتَّى لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَكَفَلَ آخَرُ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَيْنِهِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ وَإِذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ تَسْلِيمَ الصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَهُوَ مَأْذُونٌ فَلَهُ إحْضَارُ الصَّبِيِّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ جَبْرًا وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الصَّبِيَّ عَلَى الْحُضُورِ وَتَسْلِيمِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .
وَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْح الْمَادَّةِ (٦١٢) .
كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ صَبِيٍّ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ. وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الصَّبِيَّ ضَمِنَ الْكَفِيلُ مَا يُحْكَمُ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ. وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ فِيمَا يَضْمَنُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. مَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِالتِّجَارَةِ كَمَا سَتُفَصِّلُ ذَلِكَ الْمَادَّةُ (٦٥٧) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالنَّتِيجَةُ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَيْسَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٢١) تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَحَدٍ مِنْ طَرَفِهِ الْكَفَالَةَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ لِتَحَرِّي كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا. وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى شَخْصٍ فَكَفَالَتُهُ صَحِيحَةٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَالِك عَلَى النَّاسِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ لَك عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الدَّيْنِ) تَصِحُّ كَفَالَتُهُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ لَكُمْ أَوْ لِغَيْرِكُمْ أَثْمَانَ كُلِّ مَالٍ يُبَاعُ مِنْ فُلَانٍ) فَكَفَالَتُهُ فِي قَوْلِهِ (أَكْفُلُ لَكُمْ) لِلْمُخَاطَبِينَ صَحِيحَةٌ وَلِغَيْرِهِمْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْعِلْمُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ هَلْ هُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ وَلَمْ يَقُلْ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مَا لَمْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْهُمَا. كَذَلِكَ فَكَمَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اُكْفُلْ لِي هَذَا الرَّجُلَ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً لَوْ قَالَ اُكْفُلْ لِي دَيْنِي الَّذِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَار) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٦) مَتْنًا وَشَرْحًا. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute