فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إنَّنِي أَكْفُلُ كُلَّ مَالٍ سَيَغْصِبُهُ مِنْك النَّاسُ أَوْ يَسْتَقْرِضُونَهُ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَيْدٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ كُلَّ دَيْنٍ يَظْهَرُ لَك عَلَى النَّاسِ) فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٥٨) مِنْ ذَلِكَ. لَكِنَّ الْكَفَالَةَ بِالتَّرْدِيدِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ صَحِيحَةٌ. وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ عَنْ التَّرْدِيدِ الْمَذْكُورِ تَخْيِيرٌ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَكُونُ مُخَيَّرًا كَمَا سَيَأْتِي: قَالَ فِي الدُّرَرِ لَا تَصِحُّ أَيْضًا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي تَعْيِينٍ وَإِضَافَةٍ لَا تَخْيِيرٍ كَكَفَلْت بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ فَتَصِحُّ. انْتَهَى. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِالشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِمَا لَك عَلَى الرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الدَّيْنِ) فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُخَيَّرًا فِي تَعْيِينِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ وَاحِدًا مِنْ الشَّيْئَيْنِ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . لَكِنْ تَخْيِيرُ الْمَكْفُولِ لَهُ مَانِعٌ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ كَمَا سَيُذْكَرُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّنِي أَكْفُلُ نَفْسَ فُلَانٍ أَوْ بِالْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ جَازَ وَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا وَيُوفِيَهُ وَإِذَا أَوْفَى أَحَدُهُمَا بَرِئَ مِنْ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (بِدَيْنِ فُلَانٍ) لِأَنَّ مَعْلُومِيَّةَ الْمَكْفُولِ لَهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ، وَالْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّتِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا كَانَتْ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ مُخَاطِبًا عِشْرِينَ شَخْصًا مَعْلُومِينَ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا سَتَبِيعُونَهُ مِنْ فُلَانٍ وَتُسَلِّمُونَهُ إلَيْهِ) صَحَّتْ كَفَالَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَجْهُولًا فَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي أَكْفُلُ بِمَا تَغْصِبُهُ مِنْ أَيِّ أَحَدٍ أَوْ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْك لِأَيِّ إنْسَانٍ أَوْ بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْك مِنْ الْحُقُوقِ لِأَيِّ شَخْصٍ) أَوْ لَوْ قَالَ (إنَّنِي أَكْفُلُ الْيَوْمَ لِمَنْ يَبِيعُ شَيْئًا لِفُلَانٍ ثَمَنَ مَبِيعِهِ) فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ صَحِيحَةً (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ تَعَاطَى أَحَدٌ الدَّلَالَةَ فَقَالَ آخَرُ إنَّنِي أَكْفُلُ مَا يَقَعُ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ مِنْ الضَّرَرِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِيمَا يَصِحُّ مِنْ الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى شَخْصٍ وَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ لَهُ تَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً (التَّنْقِيحُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute