للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ لِمَنْ كَفَلَ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِهِ مُنَجَّزًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ عَقْدِ الْكَفَالَةِ لَكِنَّ تَرَتُّبَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى عَقْدِ الْكَفَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: مَا تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ فَثَمَنُهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ يَضْمَنُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ لِفُلَانٍ الْمَذْكُورِ، إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تَبِعْ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ مَالًا فَلَوْ بَاعَ الْمَكْفُولُ لَهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ.

أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَنَفَاذِهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٢١) مَا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَكَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ أَوْ بِالتَّسْلِيمِ وَلَوْ فِي حُضُورِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ. وَإِنْ فَعَلَ بَقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ نَفْسِهِ كَفِيلًا كَمَا فِي الْأَوَّلِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ طَرَفَ الْكَفِيلِ. وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَفْسَخَهَا بِنَفْسِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ١١٤) .

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ) لِأَنَّهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا كَمَا أَنَّ لِوَارِثِ الْمَكْفُولِ لَهُ إخْرَاجُهُ أَيْضًا (كَقَوْلِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي السَّابِعِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٦٠) وَقَدْ ضَمَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ كَلِمَةَ (غَيْرَ مُخَيَّرٍ) ؛ لِأَنَّ لِلْكَفِيلِ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَخِيَارُهُ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: خِيَارُ الشَّرْطِ.

لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ تَسْلِيمٍ مُخَيَّرًا كَذَا أَيَّامًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣٠٠) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي كَفَلَتْ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنِّي مُخَيَّرٌ كَذَا يَوْمًا، وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا يَصَدَّقُ الْكَفِيلُ بِالْخِيَارِ بِدُونِ بَيِّنَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْكَفِيلِ إقْرَارٌ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ وَالْمَرْءُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخِيَارِ فَادِّعَاءٌ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ الِادِّعَاءِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: خِيَارُ الرَّهْنِ. لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ عَنْ آخَرَ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا وَشَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ صَحَّ وَتَلْزَمُ الْكَفَالَةُ الْكَفِيلَ إذَا أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الرَّهْنَ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِهِ رَهْنًا فَالْكَفِيلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْكَفَالَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهَا، أَمَّا إذَا شَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَفْسَخَ الْكَفَالَةَ بِدَاعِي عَدَمِ إعْطَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الرَّهْنَ إلَيْهِ.

مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ عِنْدِي هَذَا الْمَالَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ الْمَالَ رَهْنًا فَالْكَفِيلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْكَفَالَةَ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>