فَقَالَ الْكَفِيلُ: لَا أَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا مِنْهُمَا. وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا كَانَ يُوجَدُ مَكَانٌ يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَادَةً لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ كَالتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لِلتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَحِلٌّ كَهَذَا يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالتَّنْوِيرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
لِلْكَفِيلِ أَنْ يُجْبَرَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْحُضُورِ، أَيْ أَنَّهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَصْدَعَ لِتَكْلِيفِ الْكَفِيلِ إيَّاهُ بِالتَّسْلِيمِ وَإِذَا لَمْ يَصْدَعْ لِتَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَقْتَدِرْ الْكَفِيلُ عَلَى التَّسْلِيمِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فَيُعِينُهُ بِأَعْوَانِهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَيُرْشِدُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَى مَكَانِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَيُخْلِي بَيْنَهُمَا (الْفَتْحُ، الْهِنْدِيَّةُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ أَحَدٍ لَيْسَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَهُ شَيْءٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فِيمَا لَوْ بَيَّنَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ عَدَّ إجْبَارَ الْكَفِيلِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ يَسْتَحِقُّهُ عَبَثًا فَالْكَفَالَةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى زَعْمِ الطَّالِبِ إنَّمَا تَكُونُ لِحَقٍّ يَلْزَمُ الْأَصِيلَ أَدَاؤُهُ.
وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا وَهَا هُوَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ دَيْنَهُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِفُلَانٍ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ لِزَعْمِهِ وُجُودَ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ وَارِدٌ (الْهِنْدِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) .
وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِطَلَبِ الطَّالِبِ.
عَلَى أَنَّهُ لِلْكَفِيلِ حَقٌّ بِالتَّسْلِيمِ بِدُونِ طَلَبٍ أَيْضًا. وَسَيُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ التَّسْلِيمَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (٦٦٤) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute