أَخَذَ مِنْهُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِالْبَاقِي. وَلَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا بِجَمِيعِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ بِجَمِيعِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ ضَمٌّ وَلَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ. لَكِنْ إذَا اسْتَوْفَى الطَّالِبُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ أَوْ كَفِيلَ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ مِنْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْأَصِيلَ أَوْ الْكَفِيلَ الْآخَرَ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفَ قِرْشٍ وَاسْتَوْفَى الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ الْأَصِيلِ أَرْبَعُمِائَةٍ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَى الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (٦٥٩) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦٥١) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ عِنْدَ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالدَّيْنِ (إنَّك قَدْ اسْتَوْفَيْتَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ أَنْ صِرْتَ كَفِيلًا مِنْ الْأَصِيلِ وَقَدْ أَقْرَرْت عَلَى أَخْذِك إيَّاهُ) وَرَفَعَ دَعْوَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا دَفَعَ الْمَكْفُولُ لَهُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَيَكُونُ قَدْ خَلَصَ مِنْهَا.
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى مَدِينِهِ بِكَذَا قِرْشًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ (قَدْ أَخَذْت هَذَا مِنْ كَفِيلِي فُلَانٍ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ) وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ فَالدَّائِنُ يَنْدَفِعُ عَنْ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦٣٢) .
وَإِذَا طَالَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَكَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ إلَى الْأَصِيلِ أَنْ يُوَفِّيَ الطَّالِبَ دَيْنَهُ وَيَطْلُبَ تَخْلِيصَهُ مِنْ الطَّالِبِ مَا لَمْ تَكُنْ لِلْأَصِيلِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ ذَلِكَ بَلْ يَقَعُ التَّقَاصُّ.
لَاحِقَةٌ: تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ:
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ - فِي الِادِّعَاءِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَالْأَصِيلُ غَائِبٌ:
١ - إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ قَائِلًا (إنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَفِيلٌ بِدَيْنِي عَلَى فُلَانٍ بِأَمْرِهِ) وَأَثْبَتَ هَذَا الدَّيْنَ وَهَذِهِ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ فَالْحَاكِمُ يَحْكُمُ بِالْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ مَعًا. وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَّةِ الْمُخَوَّلَةِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٦٥٧) أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى الطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ الْغَائِبَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ ضِمْنًا.
أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى بِالْكَفَالَةِ مَعَ الدَّيْنِ وَأَثْبَتَهُمَا فَلَا يُحْكَمُ إلَّا عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ (التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَبْحَثُ الثَّانِي - فِي اخْتِلَافِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute