أَمَّا إذَا كَفَلَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَعْضَ الْآخَرَ فَقَطْ فَالْبَعْضُ الَّذِي يَكْفُلُ يُطَالَبُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالَبُ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِأَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفِيلًا بِدَيْنٍ عَنْ الْآخَرِ يُطَالَبُ كُلٌّ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالَبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ (الْبَهْجَةُ) .
مَثَلًا لَوْ اسْتَقْرَضَ اثْنَانِ مِنْ أَحَدٍ أَلْفَ قِرْشٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ.
كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١١١٣) طَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُطَالِبُ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِدَيْنِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ كَفَلَ بِهِ عَنْهُ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ) لَا يَقْصِدُ بِهِ الْمَعْنَى الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٩١) وَالْمَوَادِّ التَّالِيَةِ لَهَا وَلَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهَا (مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) كَمَا تَبَيَّنَ بَعْدَ بَدَاهَةٍ فِي الشَّرْحِ (كَوْنَهُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ) .
وَكَذَا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٤٣٢) مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٌ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِائَةِ قِرْشٍ أَمَّا إذَا كَفَلَ الْمُسْتَأْجِرَانِ بَعْضُهُمَا بَعْضًا بِالْأُجْرَةِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ، نِصْفُهَا بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْكَفَالَةِ أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ الْآخَرَ يُطَالِبُ الْمُسْتَأْجِرُ الْكَفِيلَ بِالْمِائَتَيْ قِرْشٍ، النِّصْفُ بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ بِالْكَفَالَةِ. أَمَّا الثَّانِي الَّذِي لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِحِصَّتِهِ الْمِائَةِ قِرْشٍ.
وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ بَغْلًا مِنْ شَخْصٍ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثُلُثُهُ لِأَحَدِهِمَا، وَثُلُثَاهُ لِلْآخَرِ وَأَصْبَحَا بِذَلِكَ مَدِينَيْنِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِمَا عَلَيْهِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ فَيُطَالَبُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ بِالْأَصَالَةِ، وَبِالثُّلُثَيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَيُطَالَبُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ بِالْأَصَالَةِ وَبِالثُّلُثِ بِالْكَفَالَةِ أَمَّا لَوْ كَفَلَ صَاحِبُ الثُّلُثِ عَنْ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فَقَطْ طُولِبَ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ بِالثُّلُثِ بِالْأَصَالَةِ وَبِالثُّلُثَيْنِ أَمَّا صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ.
لَوْ أَدَّى أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِالْكَفَالَةِ، فَفِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ الْبَيَانُ: تُرَجَّحُ جِهَةُ الْأَصَالَةِ عَلَى جِهَةِ الْكَفَالَةِ فِي تَأْدِيَةِ الدُّيُونِ الَّتِي تَتَسَاوَى صِفَةً وَسَبَبًا أَيْ أَنَّهُ إذَا أَدَّى أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَكَفَلَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ أَوْ يَنْقُصُ يُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ لِأَصَالَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ دَفَعَهُ عَنْ الثَّانِي وَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَصِحُّ ادِّعَاؤُهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ. (لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِنِصْفِهِ لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُؤَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَقُولَ: أَدَاؤُك كَأَدَائِي فَإِنْ جَعَلْت شَيْئًا مِنْ الْمُؤَدَّى عَنِّي وَرَجَعْت عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلِي أَنْ أَجْعَلَ الْمُؤَدَّى عَنْك كَمَا لَوْ أَدَّيْت بِنَفْسِي فَيُفْضِي إلَى الدَّوْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الدَّوْرِ فَإِنَّهُ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ اللَّازِمُ فِي الْحَقِيقَةِ التَّسَلْسُلُ فِي الرُّجُوعَاتِ بَيْنَهُمَا فَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ فِي الْمُؤَدَّى إلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) .
أَمَّا إذَا أَدَّى زِيَادَةً عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْآخَرِ فَقَطْ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأُجْرَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute