وَإِذَا تَصَالَحَ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ مَعَ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فِي مُقَابِلِ الْمَكْفُولِ بِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي نَوْعٍ آخَرَ) . إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا.
وَقَوْلُ الْمَادَّةِ (عَلَى حِدَةٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كَفَالَةِ الْكَفِيلَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا وَلَا فَرْقَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مُتَعَاقِبِينَ أَوْ فِي وَقْتٍ مَعًا فِي الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى تَعْدَادِ رُءُوسِهِمْ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ الَّذِينَ يَكْفُلُونَ مَعًا اثْنَيْنِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِرُبُعِ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يُؤَدِّي حِصَّتَهُ يَبْرَأُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) .
وَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ مَنْ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ هُنَا (مَعًا) أَيْ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ إذَا كَفَلَ كُلٌّ مِنْ الْكُفَلَاءِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يُقَسَّمُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ. مَثَلًا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ: نَكْفُلُ بِهَذَا الدَّيْنِ يُقَسَّمُ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِثُلُثِهِ.
وَفِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَدْ يَجْتَمِعُ حُكْمُ الْفِقْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مَعًا ثُمَّ جَاءَ اثْنَانِ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأَلْفَ وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى حِدَةٍ صَحَّ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْخَاصِ الْأَوَّلِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَلَا يَنْقَسِمُ الْمَكْفُولُ بِهِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ عَلَى عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْكُفَلَاءِ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ.
لَكِنْ لَوْ كَانُوا كُفَلَاءَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَعًا وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمُطَالَبَةَ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي لَزِمَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ صَحَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٤٥) وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ اثْنَيْنِ يُؤَاخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ بِكَفَالَتِهِ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِكَفَالَةٍ عَنْ الْكَفِيلِ.
مَثَلًا لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ رَأْسًا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْكَفِيلِ الثَّانِي.
كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ عَلَى آخَرَ فَجَاءَ آخَرُ ثُمَّ آخَرُ وَكَفَلَا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.
وَإِذَا أَدَّى أَحَدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ ثُلُثَيْ مَا دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ وَيَقُولُ لَهُمَا: (أَعْطَيَانِي ثُلُثَيْ مَا دَفَعْت؛ لِأَنَّكُمَا أَنْتُمَا أَيْضًا كَفِيلَانِ) مَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٦٤٥) وَفِي هَذِهِ الْحَال لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَيْنِك الِاثْنَيْنِ بِثُلُثَيْ مَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ، وَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَحَدَ الْكَفِيلَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَلِكَ الْكَفِيلِ الْمَوْجُودِ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ، وَمِنْ ثَمَّ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا أَنْ يَرْجِعَا عَلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ بِثُلُثِ الدَّيْنِ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِسُدُسِهِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالتَّنْقِيحُ) .
وَلِهَؤُلَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُمْ بِأَمْرِهِ.