للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْمَجَلَّةُ لَا تَقْصِدُ بِقَوْلِهَا: (إذَا تَلِفَ) ، الِاحْتِرَازَ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا غَصَبَهُ صَاحِبُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْوَدِيعِ وَأَتْلَفَهُ أَصْبَحَ الْوَدِيعُ أَيْ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانٌ.

لَكِنْ لَوْ رَدَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ الْمُودَعَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَيُؤَاخَذُ بِكَفَالَتِهِ وَالْمَقْصُودُ بِالرَّدِّ هُنَا أَنْ يُعْطَى بِرِضَاءِ الْكَفِيلِ. أَمَّا إذَا أَخَذَهُ الْأَصِيلُ جَبْرًا فَلَيْسَ الْكَفِيلُ بِمَسْئُولٍ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا.

وَقَدْ قُيِّدَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ بِقَصْدِ كَوْنِهَا وَقَعَتْ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي الْكَفَالَةِ بِدُونِ أَمْرٍ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (٩٦٣) .

وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الدَّيْنَ مِنْ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ الْآتِيَةَ.

وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (يَكُونُ ضَامِنًا) فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا بِالْمَكْفُولِ بِهِ أَيْ يَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ؟ يَكُونُ ضَامِنًا بَدَلَ الْوَدِيعَةِ. وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (٧٥٤) أَيْ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَدْلِ أَنْ يُعْطَى الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ رِضَا الْآخَرِ وَإِنْ أَعْطَاهُ وَتَلِفَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ ضَمِنَ بَدَلَ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَ الدَّيْنَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ بَدَلُ الْوَدِيعَةِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ أَدَاءُ بَدَلِهَا تَامًّا وَعِنْدَمَا يَكُونُ بَدَلُهَا أَقَلَّ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْبَدَلِ وَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ ضَمِنَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَيَكُونُ قَدْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الَّذِي سَيَصِيرُ كَفِيلًا مَالٌ كَذَا وَدِيعَةً وَكَفَلَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ بِبَيْعِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ صَلَاحِيَّةٌ وَحَقٌّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا وَقَعَتْ كَفَالَةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ قَدْ عُقِدَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مَعَهُ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّنْفِيذِ فَلَا حُكْمَ لَهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مِنْ ضَمَانٍ كردم ويذير فَتَمّ كه بَاغَ ويرا فروشهم، آن مَال بتودهم) أَوْ قَالَ يذير فَتُيَمّ كُهْ أَيْنَ مَال أُزْكِهِ وي بُدّهمْ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إضَافَةُ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ، مَثَلًا لَوْ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ كَأَنْ يَكْفُلُ أَحَدٌ بِدَيْنِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ هَذِهِ فَإِذَا لَمْ يَبِعْ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ احْتَرَقَتْ قَبْلَ بَيْعِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهَا مِنْ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الدَّارَ بِيعَتْ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ وَالْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفُ قِرْشٍ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ غَيْرِ مِقْدَارِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ.

كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ثَمَنِ فَرَسِهِ وَتَلِفَ الْفَرَسُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ.

وَإِذَا لَمْ يَبِعْ الْكَفِيلُ الْفَرَسَ بِنُقُودٍ بَلْ أَبْدَلَهَا بِبَغْلٍ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>