فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَدَاءُ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لَا تَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ الَّذِي يُوجِبُ الْمَالَ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) .
لَوْ أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ كَفَالَةً حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَلَمْ يُحْضِرْ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مَالِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ شَرْطُ الضَّمَانِ بَقَاءَ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ فَقَدْ زَالَ بِالْإِبْرَاءِ وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ فَإِنَّهَا بِالْمَوْتِ زَالَتْ أَيْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وُضِعَ لِفَسْخِ الْكَفَالَةِ فَتُفْسَخُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالِانْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ الْمُقَيَّدِ فَيَقْتَصِرُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعَدِّيهِ إلَى الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، نَهْرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَالَتْ الْمَجَلَّةُ (فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ) ؛ لَأَنْ لَوْ كَفَلَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُحْضِرَ فُلَانًا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِبُطْلَانِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ هُنَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ خَيْرًا وَيَتَصَدَّقَ بِهِ لِلُزُومِهِ مَالَهُ فَذَلِكَ شَرْطٌ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيقُ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ فِي الْكَفَالَةِ كَمَا وَضَحَ آنِفًا ضَمَانٌ إذَا أَحْضَرَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَالِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْكَفِيلُ فِي إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَأَثْبَتَ الْكَفِيلُ إحْضَارَهُ وَتَسْلِيمَهُ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَيَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الْمَالِ.
قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرَحَهُ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُهَا (أَيْ الْمُوَافَاةِ) وَلِكَوْنِ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ فَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَالطَّالِبُ الْوُجُوبَ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَسَلَّمَتْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِنَاءً عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ بِإِحْضَارِهِ وَتَسْلِيمِهِ، أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ قَبْلَ مُرُورِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ. فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَرَفِ الْكَفِيلِ شَيْءٌ مَالِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢) قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ يَنْعَدِمُ الشَّيْءُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَزِمَ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ. وَإِذَا لَمْ تُسَلِّمْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَمَرَّ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ يَلْزَمُ أَدَاءُ الْمَالِ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَالَةِ إذَا تَحَقَّقَ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمُحَرَّرَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٣٦) وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمَالِ.
قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجَلَّةِ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ وَفِيمَا يَلِي بَيَانٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute