للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَذَلِكَ أَكْبَرُ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ الْمُطْلَقُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٣٣٦) يَقْتَضِي سَلَامَةً مِنْ الْعُيُوبِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ بَدَلَ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) .

ثَانِيهِمَا - الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ تَسْلِيمِهِ وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي إيضَاحُ ذَلِكَ: بَعْضُ أَحْكَامٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا شَرْحًا وَمَتْنًا وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - يَلْزَمُ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ حَتَّى تُؤْخَذَ قِيمَتُهُ مِنْهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (قِيمَتِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ. وَإِذَا سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ هَدْمِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِقِيمَتِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) .

مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً وَبَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ضُبِطَ آخِرُ الْعَرْصَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا احْتَرَقَ الْبِنَاءُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ.

كَذَلِكَ إذَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَقَلَعَهُ وَسَلَّمَ الْعَرْصَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ دُونَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ.

كَذَا لَوْ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا وَبَعْدَ أَنْ هَدَمَ بَعْضَهُ حَضَرَ الْبَائِعُ وَسَلَّمَ هَذَا الْقِسْمَ الْقَائِمَ لِلْبَائِعِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْهُ وَالْبَائِعُ يَهْدِمُ ذَلِكَ الْقِسْمَ وَيَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي إذَا شَاءَ أَنْ يَهْدِمَ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذَ أَنْقَاضَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْوَاقِعَاتُ) .

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَاعِدَةَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْبِنَاءِ مِنْ الْبَائِعِ بِإِعَادَتِهِ إلَيْهِ وُضِعَتْ لَنَفْعِ الْمُشْتَرِي وَفَائِدَتِهِ. وَلَا يَسْتَفِيدُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِعَادَةِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: لَا بُدَّ أَنْ آخُذَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ غَائِبٌ: فَلْيَبْقَ الْبِنَاءُ بِدُونِ هَدْمٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ الْغَائِبُ وَأُسَلِّمُهُ إيَّاهُ قَائِمًا لِآخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ (الْوَاقِعَاتُ) .

وَهَذِهِ الْإِيضَاحَاتُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَرَى إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَنْ تُقَدَّرَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ ثُمَّ يُهْدَمُ الْبِنَاءُ وَتُحْفَظُ أَنْقَاضُهُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ وَحَفِظَ أَنْقَاضَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا، أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْأَنْقَاضَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، (الْوَاقِعَاتُ) .

(وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ الْبِنَاءَ قَائِمًا فَهَدَمَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَا كَلَّفَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْهَدْمَ فَهَدَمَهُ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ ثُمَّ سَلَّمَ نَقْضَهُ إلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِتَغْيِيرٍ مَا) .

الْخُلَاصَةُ - إذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَأَ فِيهَا الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا فَمَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ قِيمَةُ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَقَلْعُهُ مِنْ الشَّجَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>