للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلْوِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الدَّلْوَ فِيهِ خَرْقٌ وَلَمْ يُخْبِرْ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ بِذَلِكَ وَالرَّجُلُ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَانْتَثَرَتْ فِي الْمَاءِ ضَمِنَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ بَدَلَ الْحِنْطَةِ.

أَمَّا لَوْ غَرَّ أَحَدٌ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ ضَرَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَصْفَ السَّلَامَةِ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) كَمَا سَيُوَضَّحُ فِيمَا هُوَ آتٍ.

حُكْمٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَيُقَابِلُهُ عَقْدُ التَّبَرُّعِ وَعَقْدُ التَّبَرُّعِ قِسْمَانِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْقَابِضِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَلَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ وَصْفَ السَّلَامَةِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَوْهُوبِ وَضَمَّنَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ، (الْهِدَايَةُ، وَالْكَنْزُ فِي الْهِبَةِ) مَا لَمْ يَكُنْ الْوَاهِبُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ كَمَا سَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٦١) .

كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُعَارِ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَضَمَّنَهُ الْمُعَارُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ، (الْأَشْبَاهُ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ) وَإِنَّمَا لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِهِ يُسَبِّبُ الْغُرُورَ وَهُوَ يَغُرَّهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُتَبَرِّعٌ كَالْوَاهِبِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْعَارِيَّةِ) .

الْقِسْمُ الثَّانِي - عَقْدُ التَّبَرُّعِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ إذَا غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ ضَمِنَ ضَرَرَهُ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازِيًّا بِالنَّظَرِ إلَى هَذَا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ مَالًا عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدِعِ وَضَمَّنَهُ الْمُسْتَحِقُّ بَدَلَ الْوَدِيعَةِ لِكَوْنِ الْوَدِيعِ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ الرُّجُوعُ بِمَا ضُمِّنَّهُ عَلَى الْمُودِعِ أَيْضًا (لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكِي) (حَمَوِيٌّ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) .

مِثَالٌ مِنْ الْقِسْمَةِ - قَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ التَّغْرِيرَ فِي الْقِسْمَةِ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقِسْمَةَ قَضَاءٌ لَا تَجْرِي فِيمَا كَانَ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ كَعِدَّةِ قُصُورٍ وَجَوَانِيتَ وَمَزَارِعَ وَلْنَفْرِضْ عَرْصَتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قُسِّمَتَا بَيْنَهُمَا بِالرِّضَاءِ فَأَخَذَ عَمْرٌو إحْدَاهُمَا وَأَخَذَ الْأُخْرَى زَيْدٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بِنَاءً فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِعَرْصَةِ زَيْدٍ وَضَبَطَهَا فَلِزَيْدٍ أَنْ يُسَلِّمَ نِصْفَ الْبِنَاءِ إلَى شَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا عِنْدَ تَسْلِيمِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ كَعَرْصَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ مَزْرَعَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَرَتْ الْقِسْمَةُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١١٣٣) فَالتَّغْرِيرُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ وَاحِدَةٌ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَعْدَ أَنْ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>