للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَجُوزُ التَّسْلِيمُ فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهَا أَمَّا الْإِمَامَانِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ اشْتَرَطَا التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ قَبُولُهَا قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (فِي مَحِلٍّ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُخَاصَمَةُ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي مَحِلٍّ لَا تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ كَالْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ وَالْقَفْرِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَالِّ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا حَاكِمٌ.

وَإِذَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ.

لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ يُعَدُّ قَابِضًا حُكْمًا وَذَلِكَ كَمَا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْمَدِينُ الدَّيْنَ إلَى دَائِنِهِ وَلَمْ يَقْبَلَا فَيُعَدَّانِ قَابِضَيْنِ حُكْمًا لَكِنْ إذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَزِمَ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (٨٢) فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ فِي بَلْدَةٍ غَيْرِهَا فِيهَا حَاكِمٌ مِثْلُهَا فَلَوْ شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي الْقُدْسِ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالتَّسْلِيمِ فِي غَزَّةَ (الْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِي مِصْرٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَزِمَ التَّسْلِيمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامَانِ آنِفًا وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ فِي مِصْرٍ آخَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ فِي غَيْرِهِ أَيْضًا كَمَا قُلْنَا، وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ كَمَا ذَكَرْنَا قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِإِتْيَانِهَا عَلَى الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا مُطْلَقَةً، وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ: إنَّهُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا اخْتِلَافُ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ وَبَيَانُهُ فِي الزَّيْلَعِيّ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ.

وَلَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِهِ فِي إحْدَى أَزِقَّةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَوْ فِي سُوقِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُفِيدٌ بِسَبَبِ أَغْلَبِيَّةِ الْفِسْقِ فِي النَّاسِ إذْ قَلَّمَا مَنْ يَجِدُ مِنْهُمْ مِنْ نَفْسِهِ زَاجِرًا يَزْجُرُهُ عَنْ إتْيَانِ مَا يَجْرُؤُ بِهِ الْمَدِينُ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

لَكِنْ إذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ الْمُومِئِ إلَيْهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي حَبْسِ ضَابِطِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَآمِرِهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ حَبْسُ الْمَكْفُولِ بِهِ بِسَبَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَمْ لَا كَذَلِكَ يَبْرَأُ لَوْ سَلَّمَهُ فِي حُضُورِ الضَّابِطِ أَوْ لَوْ اشْتَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي حُضُورِ الْوَالِي، سُلِّمَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ لَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ الْوَالِي بَرِئَ.

أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ وَهُوَ فِي حَبْسِ حَاكِمِ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ الْفُلَانِيِّ وَفُصِلَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بَعْدَئِذٍ عَنْ وَظِيفَتِهِ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ خَلَفِهِ بَرِئَ (الْهِنْدِيَّةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>