للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَسِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى بَيْعِ تِلْكَ الْعَيْنِ يَعْنِي عَلَى بَيْعِ دَارِهِ مَثَلًا وَأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَالْحَوَالَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ وَقْتَ الْحَصَادِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيُبْحَثُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٦٩٦ عَنْ هَذِهِ الْحَوَالَةِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْحَوَالَةُ الْفَاسِدَةُ. الْحَوَالَةُ الْفَاسِدَةُ: هِيَ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ أَوْ فَرَسِهِ. وَسَبَبُ فَسَادِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ هُوَ كَوْنُهَا أُحِيلَتْ بِشَيْءٍ لَا يَقْتَدِرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى إيفَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ لَا يَكُونُ وُكِّلَ بِبَيْعِ الدَّارِ أَوْ الْفَرَسِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا اقْتِدَارَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمُحِيلِ (الْبَحْرُ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩٦) .

(الْمَادَّةُ ٦٨٠) إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِدَائِنِهِ: أَحَلْتُكَ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ. يَجُوزُ أَنْ تَنْعَقِدَ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِدَائِنِهِ: إنِّي أَحَلْتُكَ بِدَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِإِيرَادِهِمَا أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَرَضِيتُ أَوْ قَبِلْتُ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ وَتَكُونُ نَافِذَةً. رِضَا الْمُحَالِ لَهُ لَهُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ وَالنَّاسُ نَظَرًا لِكَوْنِهِمْ مُتَفَاوِتِينَ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ فَالذِّمَمُ أَيْضًا مُتَفَاوِتَةٌ. فَانْتِقَالُ مَطْلُوبِ الْمُحَالِ لَهُ إلَى ذِمَّةِ مَنْ لَا أَرْضَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ. وَرِضَا وَقَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا شَرْطٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ بِطَلَبِ الدَّيْنِ، فَبَعْضُهُمْ يُمْهِلُ وَيَتَسَامَحُ وَبَعْضُهُمْ بِالْعَكْسِ يَتَعَجَّلُ وَيَتَشَدَّدُ، وَحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ سَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَالْتِزَامُهُ لِأَجْلِ اللُّزُومِ الْمَذْكُورِ شَرْطٌ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى أَنْ تُدْفَعَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ لُزُومِ قَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ وَبِإِمْكَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُحِيلِ، فَكَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِيفَائِهِ بِذَاتِهِ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ أَيْضًا عَلَى اسْتِيفَائِهِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ، وَلَنَا أَنَّ الْحَوَالَةَ تُصْرَفُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِنَقْلِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِهِ وَرِضَاهُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بِقَبْضِهِ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا عَلَيْهِ بِنَقْلِ الْوَاجِبِ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَرِضَاهُ (سَعْدِي حَلَبِيٌّ) . الْحَوَالَةُ بِالْإِكْرَاهِ - يَكُونُ الْمُحِيلُ دَاخِلًا فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ حَصَلَ بِهَذَا الدُّخُولِ وَسَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيلِ بِحَدِّ ذَاتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>