وَإِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُحَالِ بِهِ يَتَقَاصَّانِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ يُسْتَوْفَى الْمُحَالُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. فَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ يَأْخُذُ الْمُحَالُ لَهُ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ غَرَامَةً، وَبِخُصُوصِ الْبَاقِي تُوَفَّقُ الْمُعَامَلَةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَسَنَسْرُدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحْكَامَ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَإِنَّ خُصُوصَ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ الْمَذْكُورِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَا حَقَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَتَقَاصُّ بِدَيْنِهِ بَعْد الْأَدَاءِ. كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٩٨) . كَمَا لَوْ أَمَرَ الْمُحِيلُ شَخْصًا بِأَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ حَوَالَةً عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمَدِينِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى مُوجَبِ الْمَادَّةِ (٦٨٢) أَمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٦٨٠ وَ ٦٨٣) بَعْدَ أَنْ أَمَرَ الْمَدِينُ صَرَاحَةً عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْمَدِينُ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ يَعْنِي إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (٦٨٢) فَقَدْ سُرِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْمَدِينُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ صَرَاحَةً بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ، وَلَكِنَّهُ دَخَلَ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَوَادِّ (٦٨٠، ٦٨٢، ٦٨٣) ، هَلْ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ؟ قَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْمُسَمَّى الْعِنَايَةَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيُّ فَائِدَةُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ، إنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَنَظَرًا لِعِلَاوَةِ هَذَا الْقَيْدِ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِضَا الْمُحِيلِ فَمُجَرَّدُ دُخُولِ الْمَدْيُونِ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَمْرِ. وَمَعَ ذَلِكَ وَلِأَجْلِ إمْكَانِ الْحُكْمِ بِهَذَا يَجِبُ وُجُودُ نَقْلٍ صَرِيحٍ، وَفِقْرَةُ " إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٦٩٢ وَ ٦٩٣) وَأَحْكَامُ الْمَادَّتَيْنِ (٦٩٤ وَ ٦٩٥) لَا تَجْرِي فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ".
إذَا طَلَبَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ مِثْلَ مَا أَدَّاهُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَقَالَ الْمُحِيلُ: إنِّي كُنْتُ أَحَلْتُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَ مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِي عِنْدَكَ، لَا يُقْبَلُ كَلَامُهُ بِلَا حُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الْحَوَالَةِ صَحِيحَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُحِيلِ فَلَا يُعَدُّ قَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ إقْرَارًا مِنْهُ لِلْمُحِيلِ بِالدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ أَوْ مَالٌ آخَرُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُحَالِ لَهُ بِهَذَا الْمَالِ، بَلْ بِالنَّظَرِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى تَأْدِيَتِهِ مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْمَالِ فَيَقْبِضُهُ مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute