بِبَيْعِ الرَّهْنِ بِالْوَكَالَةِ وَإِجْرَاءِ حِسَابِهِ بِالدَّيْنِ يَكُونُ أَيْضًا بِبَيْعِهِ بِدُونِ وَكَالَةٍ وَحِسَابِهِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (٧٥٧ وَ ٧٥٨) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - الِاسْتِيفَاءُ الْحُكْمِيُّ وَهَذَا يَحْصُلُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) ، وَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلُ حَقٍّ مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا مَعْلُومًا عِنْدَ آخَرَ لِقَاءَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَيْضًا عَلَى رِوَايَةِ مُقَابِلِ حَقٍّ مَجْهُولٍ وَسَيَرِدُ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧١٠) . وَكَلِمَةُ الرَّهْنِ الْوَارِدَةُ فِي قَوْلِهِ (وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا رَهْنٌ) هِيَ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ لَا الرَّهْنِ الْوَاقِعَةِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ فَيُسْتَنْتَجُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ خُلَاصَةَ تَعْرِيفِ الرَّهْنِ هِيَ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا لِقَاءَ حَقٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ الْحَقِّ مُمْكِنًا مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ (هِدَايَةٌ) ، فَكَلِمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِي بَيَانُهَا كَمَا أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ تَارَةً بِمَعْنَى (مَالٌ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ) تُسْتَعْمَلُ تَارَةً بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ تَفْسِيرُ مَعْنَاهَا بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَالْقَرِينَةِ فَالْمَوَادُّ ٧٠٢ وَ ٧٠٣ وَ ٧٠٤ وَ ٧٠٥ وَارِدَةٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَالْمَادَّتَانِ ٧٠٦ وَ ٧٠٧ مُسْتَعْمَلَتَانِ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.
وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ كَافِيَانِ لِانْعِقَادِ الرَّهْنِ فَلَا لُزُومَ لِقَبْضِ الْمَرْهُونِ، وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ لِإِتْمَامِ الرَّهْنِ فَبِذِكْرِ قَيْدِ (مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ) يَكُونُ تَعْرِيفُ الرَّهْنِ الْوَارِدُ فِي الْمَادَّةِ قَدْ انْصَرَفَ لِلرَّهْنِ اللَّازِمِ التَّامِّ، إذْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَحْصُلُ حَبْسُ وَتَوْقِيفُ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ لِلْمَرْهُونِ وَلِذَلِكَ كَانَ لِلرَّاهِنِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَيْدُ (مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ) جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الرَّهْنِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الرَّهْنِ اللَّازِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَكَلِمَةُ مَالٍ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ شَامِلَةٌ لِأَيِّ مَالٍ كَانَ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا فَالْمَرْهُونُ يَكُونُ مَثَلًا خَاتَمًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّهُ تَعْبِيرُ (مَالٍ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَاتَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٣١) وَتَعْبِيرُ (مَالٍ) هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِثْلِ الْجِيفَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَإِشَارَةٌ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ مَا هُوَ لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ، وَأُشِيرَ أَيْضًا بِلَفْظِ مَالٍ إلَى عَدَمِ جَوَازِ رَهْنِ الْوَقْفِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَإِنْ يَكُنْ فَرَاغُ الْمُسَقَّفَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْمَوْقُوفَةِ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَفَاءً مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ تَخْتَلِفُ عَنْ الرَّهْنِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - اسْمًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ رَهْنًا بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا فَرَاغًا بِالْوَفَاءِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي - حُكْمًا فَكَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَبِتَلَفِ هَذِهِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ احْتَرَقَ الْعَقَارُ الْمُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ بِيَدِ الْمَفْرُوعِ لَهُ أَوْ لَوْ اسْتَوْلَى السَّيْلُ عَلَى الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَلَمْ يَعُدْ الِانْتِفَاعُ مُمْكِنًا بِهَا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - إذَا رُهِنَتْ الْمُسَقَّفَاتُ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةُ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute