هِيَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَغَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَأْجُورِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا أَخَذَ الرَّهْنَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَالضَّمَانُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٤١٦) هُوَ رَدُّ بَدَلِ الْهَالِكِ مِثْلًا إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَ رَدُّهَا عَيْنًا وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مُقَابِلَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ الْأَمَانَاتُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ أُتْلِفَتْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ لَا تَبْقَى أَمَانَةٌ وَتَصِيرُ مَضْمُونَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكِفَايَةُ) مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَاقِعَ هُوَ مُقَابِلُ الْأَمَانَةِ وَلَيْسَ مُقَابِلَ الْمَضْمُونِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ صَحِيحًا بَعْدَهُ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ سَاعَةً وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَعْطَاهُ الْبَائِعُ مُقَابِلَهَا رَهْنًا فَلَا يَصِحُّ وَحَسَبَ بَيَانِ الزَّيْلَعِيّ وَصَاحِبِ الْكِفَايَةِ الرَّهْنُ بَاطِلٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ قَدْ تَلِفَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْءٌ (الشِّبْلِيُّ) وَلَكِنْ الِاخْتِيَارُ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ ذَكَرُوا أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ فَاسِدٌ عَلَى هَذَا الْفَتْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالسَّيْفِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ (الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا عُدَّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاسِدًا وَحَيْثُ إنَّ أَحْكَامَ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَجْرِي فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ أَيْ الْمَبِيعِ (أَبُو السُّعُودِ) .
وَهَذَا الْوَجْهُ مُحَرَّرٌ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ: إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ رَهْنًا لِأَجْلِ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ فَهَذَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ. (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) حَتَّى إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا لَمْ يَحْبِسْ رَهْنًا كَهَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ الْأَمَانَةَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَهُ تَمَسُّكًا بِالْمَادَّةِ (٧٢٩) يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ عِنْدَ الطَّلَبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٧) وَشَرْحَهَا. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ اسْتِنَادًا لِلْمَادَّةِ (٩٠١) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الطَّلَبِ يَكُونُ هَلَكَ أَمَانَةً وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ وَالرَّهْنُ الْبَاطِلُ لَا حُكْمَ لَهُ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْعَارِيَّةِ: مَثَلًا إذَا اشْتَرَطَ وَاقِفُ الْكُتُبِ عَدَمَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَكْتَبَةِ بِدُونِ رَهْنٍ فَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ مَنْ أَخْرَجَهَا وَبِتَقْدِيرِ هَلَاكِهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ نَظَرًا لِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الرَّهْنُ هُنَا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّذَكُّرِ أَيْ أَنْ يَتَذَكَّرَ خَازِنُ الْكُتُبِ لُزُومَ وَضْعِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الْمَكْتَبَةِ وَيُطَالِبُ بِهِ الْمُسْتَعِيرَ بِالْكِتَابِ الْمَرْهُونِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ وَفِي الرَّهْنِ) .
إيضَاحَاتٌ - ذُكِرَ شَرْحًا (لِأَجْلِ نَفْسِ الْأَمَانَةِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مُقَابِلَ الْعَارِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute