الْفَسْخُ صَرَاحَةً مَذْكُورَةً فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْفَسْخُ ضِمْنًا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨١٨) شَرْطُ إتْمَامِ الْفَسْخِ: يُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِ الْفَسْخِ وَبُطْلَانِ الرَّهْنِ إعَادَةُ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ (الْهِدَايَةُ) .
بِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُعَادَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ الْعَقْدِ. بَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ مَضْمُونًا بَعْدَ الْفَسْخِ أَيْضًا مَا زَالَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ قَائِمَيْنِ مَعًا (الْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا فَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ أُعِيدَ الرَّهْنُ أَوْ الرَّاهِنُ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى إذْ ذَاكَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ هِيَ أَنَّهُ لَمَّا تَكُونُ عِلَّةٌ مُتَّصِفَةٌ بِوَصْفَيْنِ تَنْعَدِمُ تِلْكَ الْعِلَّةُ بِانْعِدَامِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ. وَالرَّهْنُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ لِضَمَانِ الرَّهْنِ عِلَّتَيْنِ: الْأُولَى الدَّيْنُ وَالْأُخْرَى قَبْضُ الرَّهْنِ، فَمَتَى كَانَتْ الْعِلَّتَانِ مَوْجُودَتَيْنِ يَكُونُ الضَّمَانُ مَوْجُودًا إذَا زَالَتْ إحْدَاهُمَا سَقَطَ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ مَتَى أُعِيدَ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا وَإِذَا أَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ قَبْضِ الرَّهْنِ.
سُؤَالٌ - لَمَّا كَانَ سُقُوطُ الضَّمَانِ لَازِمًا بِفَوَاتِ الدَّيْنِ وَجَبَ عَدَمُ ضَمَانِ الرَّهْنِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. مَعَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ مَضْمُونًا وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إعَادَةُ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَى الرَّاهِنِ.
الْجَوَابُ - قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٥٨) أَنَّ الذِّمَّةَ تَبْقَى فِي الْمَدِينِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَيْضًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ ضَمَانُ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ وَيَظَلُّ بَاقِيًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ: حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي قَبَضَهُ الدَّائِنُ وَيَضْبِطُ فَمَا دَامَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَظَلُّ احْتِمَالُ حَقِّ حَبْسِهِ مَوْجُودًا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يُوجِبُ الضَّمَانَ. لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي لَمْ يَنْشَأَ عَنْ دَلِيلٍ لَا يُوجِبُ التَّحْقِيقَ.
قَدْ ذُكِرَ أَنْفًا أَنَّ إتْمَامَ الْفَسْخِ يَحْصُلُ بِرَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا وَمُنْفَسِخًا (الْكِفَايَةُ) .
ثَانِيًا - لَا حَاجَةَ لِجَعْلِ شَرْطِ الْخِيَارِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ حَتَّى إنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُقْتَدِرٌ عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ بِدُونِ شَرْطِ الْخِيَارِ. فَلَا يَكُونُ مِنْ فَائِدَةٍ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَكُونُ فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَالْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ كَمَا جَاءَ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (٣٠٠) .
ثَالِثًا - إذَا أَعَادَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ فَسَخَ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute