للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ ٣ - لَا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْلِكَ الْمَرْهُونَ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ لَيْسَ الْمِلْكِيَّةَ بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إذَا لَمْ أُعْطِك مَطْلُوبَك لِحِينِ الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَلْيَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا لَك مُقَابِلَ دَيْنِي فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الرَّهْنِ. وَحَيْثُ إنَّهُ لَا حُكْمَ لِهَذَا الْكَلَامِ يَبْقَى الْمَرْهُونُ مَرْهُونًا كَالْأَوَّلِ وَإِنْ مَرَّ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . وَبَيْنَمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَرْعِيَّةً فِي زَمَانِ الْجَاهِلِيَّةِ أَبْطَلَهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ الْمُبَارَكِ «لَا تُغَلِّقْ الرَّهْنَ» وَالْمُرَادُ مِنْهُ لَا يَكُونُ الْمَرْهُونُ بِالْحَبْسِ الْكُلِّيِّ عَبُوسًا بِصُورَةِ أَنْ يُصْبِحَ مَمْلُوكًا لِلْمُرْتَهِنِ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) .

مَسْأَلَةٌ ٤ - لَا يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ إلَى الرَّاهِنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩٧) . كَمَا يُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ الْمَادَّةِ (٧٣١) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا مُقَابِلَ دَيْنٍ إذَا أَوْفَى هَذَا الدَّيْنَ فَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ إلَى الرَّهْنِيَّةِ مُقَابِلَ مَطْلُوبٍ آخَرَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (الْعِنَايَةُ) .

مَثَلًا: لَوْ كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِخَمْسِينَ مَجِيدِيًّا وَعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا مُقَابِلَ خَمْسِينَ مَجِيدِيًّا ثُمَّ أَدَّى هَذَا الدَّيْنَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقٌّ بِحَبْسِ الرَّهْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي إبْرَاءِ الدَّيْنِ وَهِبَتِهِ الزَّيْلَعِيّ وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ شَيْئَيْنِ وَرُهِنَا مُقَابِلَ دَيْنَيْنِ بِعَقْدٍ مُتَعَدِّدٍ وَمُسْتَقِلٍّ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَرْهُونًا مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يُقَابِلُهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ وَكَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِ الرَّهْنَيْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَنْقَصَ مِنْهُ فَيَرُدُّ الدَّائِنُ زِيَادَةَ الرَّهْنِ إلَى الْغُرَمَاءِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بَقِيَّةَ مَطْلُوبِهِ الْآخَرِ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْبَقِيَّةِ غَرَامَةً. مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَهْنٌ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفُسِخَ عَقْدُ السَّلَمِ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ اسْتِحْسَانًا رَهْنًا مُقَابِلَ رَأْسِ الْمَالِ وَيَجُوزُ حَبْسُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَجْلِ رَأْسِ الْمَالِ الزَّيْلَعِيّ.

وَبَعْدَ أَنْ يُوَفَّى الدَّيْنُ كَامِلًا أَوْ يُوهَبَ أَوْ يُبَرَّأَ الرَّاهِنُ مِنْهُ إذَا طَلَبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُعْطِهِ حَالَ كَوْنِ تَسْلِيمِهِ مُمْكِنًا يَكُونُ إذْ ذَاكَ بِحُكْمِ الْغَاصِبِ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤ ٧٩) . (نُقُولُ الْبَهْجَةِ) .

مَسْأَلَةٌ ٥ - الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَبْسِ الدَّائِمِ فَعِنْدَمَا يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ لَا يُحْبَسُ لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَنْقِرْوِيُّ.

فِكَاكُ الرَّهْنِ يَكُونُ بِخَمْسَةِ أُمُورٍ:

الْأَوَّلُ - يَكُونُ بِعَدَمِ رَدِّ الرَّاهِنِ الْإِبْرَاءَ مَتَى أَبْرَأْهُ الْمُرْتَهِنُ.

الثَّانِي - يَكُونُ بِعَدَمِ رَدِّ الرَّاهِنِ الْهِبَةَ مَتَى وَهَبَهُ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٤٧) .

الثَّالِثُ - يَكُونُ بِإِيفَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِنَائِبِهِ حَتَّى إنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>