وَإِذَا أَهْلَكَهُ أَوْ عَيَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ الْمَرْهُونَ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ ضَمَانٌ بِغَيْرِهِ وَأَمَّا الضَّمَانُ فِي حَالَةِ الْإِتْلَافِ فَهُوَ ضَمَانٌ بِنَفْسِهِ.
وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ وَلِأَجْلِ تَوْضِيحِهَا نُفَصِّلُهَا كَمَا يَلِي:
١ - إتْلَافُ الرَّهْنِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا أَتْلَفَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ يَنْظُرُ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ بَدَلَ الرَّهْنِ. يَعْنِي إنْ كَانَ وَقْتَ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَحِلَّ بَعْدُ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْبَدَلُ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ لِحِينِ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ.
سُؤَالٌ: حَيْثُ إنَّ الْمَرْهُونَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ إنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ مُقْتَدِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ كَيْفَ مَا شَاءَ فِي مِلِكِهِ وَعَلَى إتْلَافِهِ وَتَضْيِيعِهِ أَيْضًا فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
الْجَوَابُ: نَظَرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي فِي الْمَادَّةِ (٧٢٩) بِالرَّهْنِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ الرَّاهِنُ أَجْنَبِيًّا فِي حَقِّ الضَّمَانِ يَعْنِي مَتَى كَانَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِيًّا حَقِيقَةً فَكَمَا إنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا فَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ الْمُتْلِفُ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا التَّنْقِيحُ وَأَبُو السُّعُودِ وَبَعْدَ هَذَا مَتَى حَلَّ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ فَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَدَلُ الْمَرْقُومُ بَدَلَ مِثْلِهِ أَمْ بَدَلَ قِيمَتِهِ فَإِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَظْفَرُ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ بِلَا إذْنِ الْمَدِينِ (الدُّرَرُ) . إذَا زَادَ يَرُدُّ الزِّيَادَةَ لِلرَّاهِنِ. وَبِالْعَكْسِ أَيْ إذَا نَقَصَ يَطْلُبُ الدَّائِنُ مِقْدَارَ النَّقْصِ مِنْ مَدِينِهِ الرَّاهِنِ عَلَى حِدَةٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَجَلُهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بَلْ لَزِمَهُ أَدَاءُ كُلِّ الدَّيْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ.
١ - تَعْيِيبُ الرَّاهِنِ: الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا عَيَّبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ يَكُونُ ضَامِنًا مِقْدَارَ النَّقْصِ الْعَارِضِ عَلَى الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ التَّعْيِيبِ وَيَكُونُ بَدَلُ ضَمَانِ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ مَرْهُونًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ. هَذَا إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ مُؤَجَّلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَجَّلًا فَسَوَاءٌ أَكَانَ مُعَجَّلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَمْ مُؤَجَّلًا وَاكْتَسَبَ حُكْمُ الْمُعَجَّلِ بِحُلُولِ وَقْتِ الْأَدَاءِ فَإِذَا كَانَ بَدَلُ ضَمَانِ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ حِسَابَ ذَلِكَ الْبَدَلِ بِمَطْلُوبِهِ وَإِذَا أَوْفَى الدَّيْنَ كَامِلًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي مِنْهُ أَيْ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ وَإِلَّا فَيُمْسِكُهُ فِي يَدِهِ كَيْ يَكُونَ رَهْنًا كَمَا فِي السَّابِقِ وَيَطْلُبُ بَاقِيَ دَيْنِهِ مِنْ الرَّاهِنِ.
٣ - إتْلَافُ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْكَارُهُ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ - إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا يَجِدُ ذَاتَهُ أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَجَلُهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ بِجِنْسِ الدَّيْنِ يَقَعُ التَّقَاضِي بِمُجَرَّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute