وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ ثَوْبًا بِقِيمَةِ عِشْرِينَ قِرْشًا مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَهُ تَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِرْشًا لِاسْتِعْمَالِ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ مُدَّةً بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ بِلَا إذْنٍ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نَقْصُ أَرْبَعَةِ قُرُوشٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ وَهُوَ بِقِيمَةِ عَشَرَةِ قُرُوشٍ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرَّاهِنِ قِرْشًا وَاحِدًا فَقَطْ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ وَتَسْقُطُ التِّسْعَةُ قُرُوشٍ الْبَاقِيَةُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الثَّوْبِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ أَمَانَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَلَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَاسْتِعْمَالِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ وَكَانَ النَّقْصُ الطَّارِئُ بِسَبَبِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النُّقْصَانَ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ فَقَطْ (الْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ يَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشْرَةٌ يَكُونُ نِصْفُهَا مَضْمُونًا وَنِصْفُهَا أَمَانَةً فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ وَبَقِيَ قِرْشٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ (الْخَانِيَّةُ) .
مَعْنَى هَلَاكِ الرَّهْنِ - هَلَاكُ الرَّهْنِ صَيْرُورَتُهُ فِي حَالَةٍ لَا يَصْلُحُ الِانْتِفَاعُ مَعَهَا بِهِ. مَثَلًا كَمَوْتِ النَّعْجَةِ الْمَرْهُونَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ الْمَرْهُونَةُ بُحَيْرَةً بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ عَلَيْهَا فَهَذِهِ الْحَالَةُ أَيْضًا بِحُكْمِ الْهَلَاكِ فَسَقَطَ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ. وَلَكِنْ إذَا انْسَحَبَتْ الْمِيَاهُ أَخِيرًا تَعُودُ كَمَا كَانَتْ رَهْنًا. أَمَّا إذَا طَرَأَ عَلَى الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ ثُمَّ انْسِحَابِهَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَإِذَا فَرَّ الْحَيَوَانُ الْمَرْهُونُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُعْتَبِرًا الدَّائِنَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْحَيَوَانُ تَرْجِعُ رَهِينَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ إنَّمَا يَكُونُ اسْتِيفَاءَ حَقِيقَةٍ إذَا هَلَكَ وَلَمَّا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَهْلَكْ بَقِيَ مَحْبُوسًا عَلَى الرَّهِينَةِ لَا مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْخَانِيَّةُ) وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا فَرَّ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ قَيْدَ الْفِرَارِ فَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ.
وَإِذَا اُغْتُصِبَ الْمَرْهُونُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْهَالِكِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (٠ ٧٥) بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَغُصِبَ مِنْهُ أَثْنَاءَ الِانْتِفَاعِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَصِيرُ عَارِيَّةً فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَإِذَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَى الرَّهْنِ خَلَلٌ بِالِاغْتِصَابِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ.
الرَّهْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٠ ١ ٧) أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا. فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسٍ وَالْمُقَابِلَةُ الرَّهْنُ مَوْجُودَةٌ عَيْنًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا وَيُسَلِّمُهَا وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَرْهُونِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي مُقَابِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ حَيْثُ إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فَحَيْثُمَا تَصِلُ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعْطِيَ مِقْدَارَهَا الْمَضْمُونَ إلَى الرَّاهِنِ، وَمَا زَادَ عَنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ وَبَقِيَ الرَّهْنُ فَيَصِيرُ الرَّهْنُ مَرْهُونًا فِي مُقَابَلَةِ بَدَلِ الْعَيْنِ وَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَيْنِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَدَلِهَا وَبَدَلُ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) .
وَبَعْدَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute