للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ أَجَازَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ حَقَّ إمْسَاكِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ وَحَبْسِهِ فِي يَدِهِ وَحِفْظِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ نَافِذٍ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِإِعْطَائِهِ حَقًّا لِفَسْخِ الْبَيْعِ. مَعْنَى (يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا) : أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٦) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرْتَهِنُ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْبَيْعِ أَمْ غَيْرَ وَاقِفٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " ٦٧ "، وَهَذِهِ الموقوفية بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ إثْبَاتُ هَذِهِ الموقوفية عَلَى وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَكَوْنُ الْمَبِيعِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ موقوفية الْبَيْعِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لِوَارِثِهِ أَوْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ زِيَادَةً عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ تَبْقَى تَصَرُّفَاتُهُ هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا قُدْرَةَ لِلرَّاهِنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ مَانِعَةٌ لِلتَّسْلِيمِ. وَالْبَيْعُ كَمَا أَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَى الْمِلْكِ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ أَيْضًا إلَى الْقُدْرَةِ لِلتَّسْلِيمِ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . كَمَا أَنَّ بَيْعَ غَيْرِ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ لَا يَجُوزُ حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (٢٠٩) . فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَى الْمُرْتَهِنِ وَأَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ خِلْسَةً وَبِلَا إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ بِمُوجِبِ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَنَفَّذَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ رَهْنًا وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَحَفِظَهُ كَالْأَوَّلِ رَهْنًا.

وَإِذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنُ ضَمَّنَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُشْتَرِي رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ ١٦٣٥ وَ (٧٤١) (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ بِدُونِ إذْنٍ يَكُونُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ مُنْفَسِخًا. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ وَبِتَعْبِيرٍ أَهَمَّ وَأَشْمَلَ إذَا سَقَطَ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ يَصِيرُ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) وَكَمَا تُشِيرُ إلَيْهِ شَرْحًا عِبَارَةُ (إذَا قَضَى الدَّيْنَ) مَذْكُورَةً عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ.

وَالْمَقْصِدُ سُقُوطُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الرَّهْنِ وَهَذَا السُّقُوطُ يَكُونُ كَمَا بُسِطَ أَعْلَاهُ أَوَّلًا بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ ثَانِيًا بِإِبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ ثَالِثًا بِهِبَةِ الْمُرْتَهِنِ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٧٢٩) . جَاءَ (بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ وَرِضَى الْمُرْتَهِنِ ابْتِدَاءً يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَثَمَنُهُ مَرْهُونًا مَقَامَهُ. تَعْيِينُ الْمُرْتَهِنِ الْمُشْتَرِي مُعْتَبَرٌ حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِقَوْلِهِ بِعْ الْمَرْهُونَ لِفُلَانٍ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا إذَا أَمَرَ الْمُؤَجِّرُ بِبَيْعِ الْمَأْجُورِ لِفُلَانٍ مَثَلًا وَبَاعَهُ الْمُؤَجِّرُ لِغَيْرِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ بَدَلِ الْمَبِيعِ سَيَصِيرُ مَرْهُونًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَحَيْثُ إنَّهُ تَخْتَلِفُ ذِمَمُ النَّاسِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَكُونُ التَّخْصِيصُ ذَا فَائِدَةٍ.

وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ إنَّ بَدَلَ الْمَبِيعِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَأْجُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>